حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وتخطيطهما المبكّر للانقلاب ، وتفكيرهما بالحكم والأمارة ، وإلى هذا أشار أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته الشقشقية المعروفة : «لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا»(١) ، قال ابن ميثم البحراني رحمهالله : «وقد استعار عليه السّلام لفظ الضرع هاهنا للخلافة ، وهي استعارة مستلزمة لتشبيهها بالناقة ، ووجه المشاركة المشابهة في الانتفاع الحاصل منها ، والمقصود وصف اقتسامهما لهذا الأمر المشبّه لاقتسام الحالبين أخلاف الناقة بالشدّة على من يعتقد أنّه أحقّ بها منهما أو على المسلمين الَّذين يشبهون الأولاد لها»(٢).
الفائدة الخامسة : حروب الردّة والفتوحات لم تكن جهاداً!
من النتائج الملفتة التي يمكن للباحث المحقّق أن يستنبطها من بين السطور في ألفاظ هذا الحديث الشريف أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يعطِ الشرعية لأي معركة يقوم بها غير أمير المؤمنين عليهالسلام من بعده ، فقد علمنا أن الجهاد بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) إنّما هو جهاد التأويل ، لانحصار جهاد التنزيل برايته الشريفة ، فالقتال تحت راية النبيّ هو قتال التنزيل ، وما يحدث بعده من جهاد أو قتال يقوم به وصيّه أو خليفته إنّما هو جهاد على تأويل القرآن الكريم ، وقد ثبت بهذا الحديث المستفيض عند الفريقين أنّ المختصّ بمنقبة القتال على التأويل هو أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأيّ مشروعية للحروب التي خاضها أبو بكر وعمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) نهج البلاغة ١ / ٣٣.
(٢) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ١ / ٢٥٨.