فإنّهما سبقاه إلى القول قبل أن ينهي كلامه ، بينما وجدنا أنّ بقية الصحابة التزموا الصمت ، ولم يبدوا رأياً ، ولم يتّخذوا موقفاً حتّى ينهي رسول الله(صلى الله عليه وآله)كلامه ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(١) ، ومثل هذا الموقف في التسرّع وعدم المبالاة بشخصيّة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليس غريباً عليهما ، فهما اللذان تنازعا في محضر النبيّ ، ورفعا صوتيهما فوق صوته ، حتّى نزل قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ)(٢) ، وهما اللذان كانا يفرّان في المعارك خلافاً للتوجيهات والأوامر ، وقد أغضبوه في معركة بدر حين أطلقوا عبارات التهويل والتخويف من قريش ، وأغضبوه في صلح الحديبية ، وأغضبوه في مرضه وقبيل وفاته ، وأغضبوه عندما تخلّفوا عن جيش أسامة ، وعليه فإنّ هذا الموقف يضاف إلى بقيّة مواقفهما.
٢ ـ إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) ذكر الجهاد والقتال ، والكلّ يعرف أنّهما لم يكونا من أهل القتال ، ولم يسجّل التاريخ لهما أو لأحدهما بطولة تُذكر في المعارك والغزوات ، وقد تناقل الرواة فرارهما يوم أحد وخيبر وحنين ، فعلام قيامهما؟! ولماذا يصرّان على الظهور بمظهر المقاتلين الأشدّاء؟!!
٣ ـ إنّ قيام أبي بكر وعمر دون غيرهما يدلّ على تحزّبهما سويّة في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الحجرات : ١.
(٢) الحجرات : ٢.