السلفية واستعمال التأويل مرة أخرى!
لم يستطع التيّار السلفي من المتقدّمين والمتأخّرين التشكيك أو الطعن في طرق حديث (القتال على التأويل) ، إذ يبدو أنّ تعدّد طرق الحديث ، وكثرة أسناده ، وقوّة رواته ، ووثاقة مصادره ، وشهرة ألفاظه ، قد منعتهم من سلوك لعبة تضعيف الأسانيد ، فراحوا يلعبون على وتر آخر ، وهو تمييع النصّ من خلال تأويلات باردة ، وتخريجات مفضوحة لحرف مسار الحديث في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وفضح أعدائه ومناوئيه ، فقالوا إنّ المقصود هو قتال الخوارج (أهل النهروان) ؛ لأنّهم تأوّلوا القرآن ، وكانت معركة النهروان نتيجة سوء التأويل لآيات القرآن الكريم ، فيكون قتال أمير المؤمنين عليهالسلام في معركة النهروان هو التصديق الخارجي لحديث القتال على التأويل ، وأنا قبل أن أستعرض بعض أقوالهم في المسألة ، أودّ الردّ على هذا القول بما يلي :
أولاً : إنّ التأويل الخاطئ للقرآن الكريم لم يقتصر على الخوارج ، فأصحاب الشورى تأوّلوا آية الشورى خطأً ونتج عن ذلك سلسلة الحكومات التي انقلبت على صريح النصّ ، ثمّ قيام حربي الجمل وصفّين على أنقاض التأويلات التي أنتجت تلكم الحكومات ، وكثير من بدع أهل الزيغ وأئمّة الجور وأباطيلهم إنّما جاءت من تأويلات النصوص القرآنية أو الروائية ، فلا خصوصية للخوارج ههنا.
ثانياً : إنّ مقارنة قتال التأويل بقتال التنزيل في عهد النبيّ ، يكشف أنّ