المقصود أعمّ من قتال الخوارج ، ولاسيّما مع ورود كاف التشبيه ، فإنّ النبيّ لم يقاتل فئةً بعينها ، أو عدوّاً واحداً ، وإنّما قاتل قريش ، واليهود ، والروم ، والأعراب ومن يتحالف معهم ، فالاقتصار على حرب الخوارج في تأويل الحديث أمر تكذّبه النصوص وأحداث التأريخ الإسلامي.
ثالثاً : إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لم يكن الوحيد الذي قاتل الخوارج ، فقد جرت معارك بين الخوارج وبين الدولة الأموية ، والدولة العبّاسية ، ومعارك جانبية مع فئات إسلامية متنوّعة ، وهذا يتعارض مع ظاهر الحديث الذي يشير إلى خصوصية الأمير عليهالسلام في قتالهم.
رابعاً : إنّ في بعض النصوص تلميحاً أنّ من يقاتلهم أمير المؤمنين عليهالسلام هم أتباع أبي بكر ومن كان معهم ، ومن ما رواه ابن أبي شيبة الكوفي : «إنّ منكم رجلاً يقاتل الناس على تأويل القرآن كما قوتلتم على تنزيله»(١) ، فقوله : (كما قوتلتم على تنزيله) يكشف أن المقاتَلين ـ بالفتح ـ هم الحزب القرشي ، من بني تيم وعدي وبني أمية آل العاص وآل الحكم وآل أبي معيط ومن يدور في فلكهم.
أمّا أهمّ الشواهد التاريخية على التمحّلات السلفية فكما يأتي :
* الحافظ الذهبي : أورد حديث القتال على التأويل ثمّ علّق عليه قائلاً : «قلت : فقاتل الخوارج الذين أوّلوا القرآن برأيهم وجهلهم»(٢).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٧.
(٢) تاريخ الإسلام ٣ / ٦٤٢.