أصرّ على ضلالته ودام على مخالفته واستمرّ في جهالته وتمادى في مقالته ، إلى أن يفي إلى أمر الله تعالى وطاعته ... ولهذا جعل رسول الله(ص) القتال على تأويله كالقتال على تنزيله ، فقد ظهر مناط القتال على التأويل لما ظهر مناط القتال على التنزيل وقد اشترك الأمران في أنّ كلّ واحد منهما قتال مبطل ضالّ ليرجع عن إبطاله وضلالته وافترقا في أنّ الجريمة الصادرة من المقاتلين على التنزيل أعظم وأشدّ من الجريمة الصادرة من المقاتلين على التأويل ، فلهذا كانت المقاتلة على أعظم الجريمتين مختصّة بمنصب النبوّة فقام بها النبيّ(ص) ودعا إليها وقاتل الذين كفروا حتّى آمنوا ، وكانت المقاتلة على جريمة التأويل التي هي دون الجريمة الأولى موكولة إلى الإمام لكون الإمامة دون النبوّة فهي فرعها فقام بها عليٌّ عليهالسلام ودعا إليها وقاتل الخوارج المتأوّلين ، فإنّهم عمدوا إلى آيات من القرآن الكريم نزلت في الكفّار واختصّت بهم فصرفوها عن محلّ مدلولها وحملوها على المؤمنين وجعلوهم محلّها واستدلّوا عليهم بها»(١).
* وقال الأربلي (ت ٦٩٣ هـ) : «الذي يدلّ على أنّه لاستحقاق الولاء دون ما عداه قوله(صلى الله عليه وآله) : إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، فجعل القاتلين سواء لأنّه ذكرهما بكاف التشبيه ، لأنّ إنكار التأويل كإنكار التنزيل ، لأنّ منكر التنزيل جاحد لقبوله ، ومنكر التأويل جاحد لقبول العمل به ، فهما سواء في الجحود ، وليس مرجع قتال الفريقين إلاّ إلى النبيّ أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) مطالب السؤول ص١٣٦.