صالحا واجرى صدقة وسنّ سنّة حسنة.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام وقد رجع من صفين فاشرف على القبور بظاهر الكوفة : «يا أهل الدّيار الموحشة والمحالّ المقفرة ... أنتم لنا فرط سابق ونحن لكم تبع لا حق امّا الدور ، فقد سكنت ، وامّا الأزواج ، فقد نكحت ، وامّا الأموال ، فقد قسمت. هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم؟» ثم ألتفت إلى أصحابه فقال : «أما لو اذن لهم في الكلام لأخبروكم ان خير الزاد التقوى». (١)
فالمسلمون في جميع انحاء العالم طبقا لهذا الاعتقاد والإيمان الجازم يوجّهون من أشرف على الموت ووقع في حالة الاحتضار إلى القبلة ويغسلونه ويكفّنونه ويدفنونه إلى القبلة ويلقّنونه اركان الإسلام والإيمان اعتقادا بانه يسمع ذلك كلّه ولم يتغير بالموت شيء من أوصافه وملكاته الرّوحية وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يحشر المرء الّا على ما مات عليه ولا يموت الّا على ما عاش عليه» ولهذا الاعتقاد تأثير عميق في اعمال الإنسان من جهة العمل بتكاليفه ومن جهة انتهائه عن المنكرات وسيّما من جهة اشتياقه إلى الجهاد الذي هو عزّ للاسلام وذروة سنامه وما تسمع في التواريخ الإسلامية في اصطبار الزوجة والأمّ على قتل زوجها وولدها في معركة الجهاد وتشويقهما الزوج والولد اليه وكذلك في اشتياق المجاهدين إلى الجهاد واستقبالهم للسيوف والرماح وامثال ذلك ما كان سببه الّا هذا الاعتقاد.
فبعد رجوع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من غزوة احد بادرت إليه امرأة قتل زوجها وولدها واخوها في القتال مع المشركين فسألته الأخبار عنهم فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
__________________
(١) نهج البلاغة الكلمات القصار ١٢٥.