فإنه ربّما يتوهّم منه انه لو قلنا بأن التقليد هو الالتزام لجاز البقاء على تقليد الميّت فيما إذا مات المجتهد بعد الالتزام بالعمل على فتواه وإن لم يعمل بها وإن قلنا بأنه العمل لم يجز البقاء ما لم يعمل به. (١)
كما انه من الأوّل ما في كلمات بعضهم في مسألة العدول عن الحيّ إلى الحيّ المساوي فإنه لا يجوز العدول إلى الثاني بعد الالتزام وإن لم يعمل لو قلنا بأن التقليد هو الالتزام وهذا بخلاف ما لو قلنا انه هو العمل بقول الغير فإنه يجوز العدول إلى الحيّ حينئذ وإن حصل التعلّم والالتزام لعدم تحقّق التقليد على الفرض ما لم يعمل.
وفساد هذا التوهّم وأمثاله ممّا لا يخفى لأنّ حرمة العدول في الفرض وجواز البقاء على تقليد الميّت وعدمه لا تدور مدار انّ التقليد هو الالتزام أو التعلّم لا العمل بل المتّبع في ذلك هو ما تقتضيه القواعد ، واطلاقات أدلّة حجّية الفتوى من الآيات والأخبار والسيرة وسيأتي ذكرها ، إذ ليس عنوان البقاء على تقليد الميّت وكذا عنوان العدول عن التقليد بمالهما من المعنى واردين في لسان الدليل كي يلحظ تحقّق مفهوم البقاء على التقليد أو العدول عن التقليد في مورد وعدم تحقّقهما فيه.
والقائلون بكون التقليد عبارة عن الالتزام انّما قالوا به فرارا عن محذور سبق الشيء على نفسه كما في الكفاية للمحقّق الخراساني فإنه بعد تعريفه بأنه أخذ قول الغير ورأيه للعمل به في الفرعيات قال : ولا يخفى انّه لا وجه لتفسيره بنفس العمل ضرورة سبقه عليه ، وإلّا كان بلا تقليد ، انتهى.
ومراده «رحمهالله» ان العمل مسبوق بالتقليد ومتوقّف عليه ، وحينئذ
__________________
(١) رسالة الاجتهاد والتقليد للشيخ الأعظم الأنصاري ص ٤٦