العلمية إلى مؤسّسة تركّزت في قلب السياسة والأحداث»(١). وأنّ هذه المسؤوليّات الجسام لم تمنعه من متابعة أوضاع الحوزة العلمية في حاضرتها العلمية الحلّة ، والجلوس إلى علمائها والاستماع منهم ، واكتشاف الطاقات والمواهب العلمية النابغة بين الدارسين منهم ؛ وهذا ما قام به في زيارته «لمدينة الحلّة سنة (٦٦٢ هـ) عندما كان مشرفاً على متابعة تنظيم الموارد المالية للدولة المغولية ، وشؤون الأوقاف في البلاد ، ففوجىء بوجود نهضة دينية متقدّمة فيها ، ويبدو أنّ هذه هي الزيارة الأُولى التي يلتقي فيها نصير الدين بالفقهاء الشيعة»(٢).
وقد عبّر نصير الدين عن إعجابه بالنهضة العلمية القائمة بالحلّة ، وأشاد بما شاهده فيها ، «ولمّا سئل بعد زيارته عمّا شاهده فيها قال : رأيت خرّيتاً ماهراً وعالماً إذا جاهد فاق» ، عني بالخرّيت المحقّق الحلّي ، وبالعالم العلاّمة الحلّي الذي كان في الرابعة عشرة من عمره آنذاك(٣).
وقد حضر الخواجه نصير الدين درس المحقّق الحلّي ، فكان البحث في القبلة ، في استحباب التياسر قليلاً لأهل الشرق من أهل العراق عن السمت الذي يتوجّهون إليه ، فاعترض الطوسي أنّ التياسر إمّا إلى القبلة فيكون واجباً لا مستحبّاً ، وإمّا عنها فيكون حراماً ، فأجاب المحقّق في
__________________
(١) المؤسّسة الدينية : ١٠١.
(٢) نفس المصدر : ١٠١ ـ ١٠٢.
(٣) نفس المصدر : ١٠٢ ، وانظر : أعيان الشيعة ٩ / ١٥.