وكان لنصير الدين قدرة مالية كبيرة من خلال تولّيه لجميع الأوقاف في سائر البلاد ، «وكان له في كلّ بلد نائب يستغلّ الأوقاف ويأخذ عشرها ويحمله إليه ليصرفه في (جامكيّات) المقيمين بالرصد .. وكان للمسلمين به نفع خصوصاً الشيعة والعلويّين والحكماء وغيرهم»(١).
والذي يظهر من بعض النصوص التاريخية أنّ أباقاخان الذي تصدّى للحكم بعد وفاة أبيه هولاكو ـ وبنصيحة أسداها إليه الخواجه الطوسي(٢) ـ قدّم العون المالي بشكل سخيٍّ ومتكرّر لحوالي مائة تلميذ كانوا طلبة لنصير الدين ، واستناداً إلى أبي الفرج ، فإنّ نصير الدين قد أجرى الرواتب للأساتذة والتلاميذ الذين كانوا معه ، والراجح أنّ ذلك كان من أموال الوقف»(٣).
٤ ـ رعاية الحوزة العلمية وتفقّد أحوالها :
لم يُصَنَّف نصير الدين الطوسي في سلك الفقهاء ، ولم يشتهر في طبقات فقهاء الشيعة كفقيه من فقهائها ، أو كزعيم من زعماء حوزتها العلمية ؛ إذ كانت الحوزة العلمية الشيعية في زمانه تتمثّل في حوزة الحلّة التي كان يرأسها آنذاك المحقِّق الحلّي أبو القاسم جعفر بن الحسن.
إلاّ أنّ شخصية نصير الدين الفلسفية والعلمية ووجوده في قلب السلطة المغولية ، جعلتا منه معلّماً بارزاً من معالم تحوّل مؤسّسة الفقهاء ذات المباني
__________________
(١) الوافي بالوفيات ١ / ١٨٢.
(٢) الخواجه نصير الدين : ١٠٦.
(٣) المراصد الفلكية في العالم الإسلامي : ٣١٢.