لقد برز بعد ابن إدريس الحلّي رحمهالله علماء كبار ، ومجتهدون ومحقّقون جهابذة ، استطاعوا أن يرتقوا بالاجتهاد والاستدلال الفقهيّ إلى مراتب عالية تجاوز فيها الفقه الاجتهادي خطر الركود والغلق لباب الإجتهاد.
ونستطيع بحقّ أن نطلق على الدور الذي جاء بعد ابن إدريس في حوزة الحلّة العلمية بـ (دور الاستقلال للفقه الإمامي) أو مرحلة (النموّ والرشد) للفكر الاجتهادي.
ففي مدرسة الحلّة بعد الشيخ ابن إدريس الحلّي ، جاء دور الأُسر العلمية الحلّية التي أسهم علماؤها في مجال العلوم الإسلامية بقسط وافر ؛ وأعطوا لمركز الحلّة الأهمّية من خلال ما قاموا به من التدريس والتأليف والإضافات الجيّدة الجادّة في هذا المجال.
ومن أشهر هذه الأُسر في هذه الحقبة من الزمن ، الممتدّة من القرن السادس الهجريّ حتّى القرن التاسع الهجريّ ـ أي لأكثر من ثلاثة قرون ـ : أُسرة آل طاووس وأُسرة آل نما ، والهذليّون ، والأسديّون(١).
ولاتسع هذه الدراسة لاستيعاب جميع أعلام هذه الأُسر العلمية ونشاطهم الفقهي والاُصولي وإنّما سوف نشير إلى بعض آثارهم العلمية في ثنايا هذا البحث(٢).
ومن أهمّ أعلام مدرسة الحلّة العلمية بعد ابن إدريس هو المحقّق
__________________
(١) تاريخ التشريع الإسلامي : ٣٤٧ ـ ٣٤٨.
(٢) انظر كتابنا : تطوّر حركة الإجتهاد عند الشيعة الإمامية : ٢٩٥ وما بعدها.