كما إذا لم تفد الأمارة ظنا بمؤداها بالنسبة إلى شخص في غير محله فإنه لا
بد أولا من عقد بحث للظن كي يتميز فيه المعتبر عن غيره ويعلم حكم كل منهما كما أنه
لا بد من عقد بحث للقطع كي يتبين فيه حجيته فيما إذا كان متعلقه حكما فعليا وعدمها
فيما إذا كان شأنيا وقد اتضح من هنا أن تقييد الحكم في أول التقسيم بالفعلي مما لا
وجه له كما أن تعميمه للواقعي والظاهري أيضا كذلك (ثم إن المراد بالمكلف) هو خصوص
المجتهد ولا يعم المقلد أصلا حيث إن المراد بالالتفات هو الالتفات التفصيلي الحاصل
للفقيه بحسب علمه بمدارك الأحكام وإلا فالمقلد لا يحصل له علم ولا ظن بالواقع ولا
ملاحظة الحالة السابقة وعدمها ولو حصل له شيء من ذلك فلا عبرة به وليس شكه موردا
لجريان أصل أصلا والقول بأن أدلة اعتبار الطرق والأصول تشمله وغاية ما في الباب
أنه حيث لا يتمكن من تشخيص مواردها ينوب عنه المجتهد في ذلك لا يغني شيئا بعد وضوح
أن المراد بالملتفت في التقسيم هو المطلع على مدارك الأحكام كما ذكرنا (ثم إن
إشباع الكلام) في المباحث الستة الراجعة أربعة منها إلى صورة الشك في الحكم يقع في
مقاصد ثلاثة
فالمقصد الأول في القطع وفيه فصول
فصل لا يخفى أن القطع عبارة عن نفس انكشاف الشيء لدى الذهن وظهوره فيه بحيث لا
يحتمل خلافه فهو النتيجة الحاصلة من قيام المحرز والكاشف والتعبير عنه بعنوان
الكاشف أو المحرز أو المرآة للواقع أو الحجة عليه أو غير ذلك مما يشاهد في كلمات
علمائنا قدس أسرارهم لا يخلو عن مسامحة ظاهرة بعد وضوح أنه هو نفس رؤية الشيء
وانكشافه ونوريته لا شيء يحصل به ذلك كما هو قضية إطلاق هذه العناوين عليه نعم
إطلاق الحجة بمعنى المنجز عليه بلا إشكال فإن انكشاف الحكم هو الموجب في الحقيقة
لصحة العقوبة