على مخالفته وعدم معذورية العبد في عصيانه وإنما يطلق الحجة بهذا المعنى على غيره من الكواشف مثل الطرق والأمارات باعتبار حصول هذا الانكشاف منه ولو تنزيلا وتعبدا (وأما إطلاقها) عليه بمعنى الحد الوسط في الإثبات على ما هو المصطلح عليه بين المنطقيين أو بمعنى الدليل والمثبت كما هو المراد منها في ألسنة الأصوليين فعدم صحته بعد ملاحظة ما ذكرنا في غاية الوضوح بلا احتياج إلى مزيد بيان وإقامة دليل وبرهان (ثم إنه قد انقدح مما ذكرنا) في بيان حقيقة القطع وماهيته أنه غير قابل لتعلق الجعل به مطلقا لا الجعل البسيط ولا الجعل التأليفي (أما الأول) فلأن الانكشاف والرواية إنما يحصل قهرا بمجرد خلقة النفس وجعلها بحيث ينكشف لديها الأشياء من غير احتياجه إلى جعل تكويني آخر وراء ذلك كما أن رؤية العين وبصارته أيضا كذلك (وأما الثاني) فلاحتياجه إلى طرفين يقع التأليف بينهما وليس هنا شيء آخر وراءه كي يؤلف بينه وبين ذاك الشيء كما هو ظاهر هذا في الجعل التكويني وأما الجعل التشريعي بمعنى التصرف في الحكم فهو أيضا غير معقول فإن الحكم المجعول ثانيا لا يمكن اجتماعه مع الحكم الأول في نظر القاطع سواء كان مثله أو ضده أو نقيضه لاستحالة اجتماع المثلين والضدين والنقيضين ولو كان ذلك في نظر القاطع فقط لكفاية ذلك في المحذورية هنا إذ لا يمكنه حينئذ التصديق بهما فجعل الحكم الشأني بداعي جعل الداعي لا معنى له بعد عدم إمكان داعويته له أصلا ثم إنك تعرف مما يتبين لك هنا ما في كلمات بعض القوم هنا من انحلال الخلل الظاهرة مثل استدلالهم على عدم تعلق الجعل التأليفي بالقطع بأنه لا يمكن التأليف بين الملزوم الذي هو القطع وبين لازمه الذي هو الكاشفية والمحرزية أو الحجية ووجوب العمل به على اختلاف تعابيرهم فإنه يرد على التعبير الأول ما ذكرنا من أن القطع هو