لكن بمرونة وتقعيد
قواعد باطله.
هذا ونحن في القسم
الثاني من هذا البحث ـ وعند مناقشتنا لروايات التحريف ـ سندرس ملابسات هكذا أُمور أكثر
ممّا مضى وسيقف المطالع على جذورها ، وكيف دخلت تلك الروايات في كتب الحديث.
ولا يخفى عليك بأنّ
ما قلناه عن منهج الخلفاء في جمع القرآن لم يضرّ بأصل القرآن الكريم ، ولم يضرّ بأهل
البيت عليهمالسلام الذين هم عدل الكتاب
العزيز أيضاً ؛ لأنّ الإمام وبصائب رأيه كان يؤكّد على القرآن الموجود ولا يرتضي التشكيك
فيه ، وإن كان يُخطِّىءُ تصرّفات مخالفيه ـ من الخلفاء ـ في فهمهم لمسائل الشريعة وقراءتهم
للقرآن قراءة خاطئة.
وللإمام عليٍّ بن أبي
طالب كلامان جميلان جاء أحدهما بعد سماعه أمر الحكمين ، والآخر بيّن فيه أحكام الدين
كاشفاً ماوقع فيه الخوارج من شبهة ، أذكرهما كنصّين دالّين من عدم اعتقاد الإمام عليّ عليهالسلام بتحريف كتاب الله الموجود
بيد الناس اليوم ؛ لأنّه لو كان يقول بتحريف ذلك الكتاب لما قال بهذه الأقوال ، خصوصاً
وأنّه قالها بعد مقتل عثمان بن عفّان ، ونشره المصاحف في الأمصار.
* فقال عليهالسلام بعد سماعه أمر الحكمين
:
«إِنَّا لَمْ نُحَكِّمِ
الرِّجَالَ ، وَإِنَّمَا حَكَّمْنَا القُرآنَ ، هذا القُرْآنُ إنَّمَا هُوَ خَطٌّ
مَسْتُورٌ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ ، لا يَنْطِقُ بِلِسَان ، وَلابُدَّ لَه مِنْ تَرْجُمَان
، وَإِنَّمَا يَنْطِقُ عَنْهُ الرِّجَالُ. وَلَمَّا دَعَانَا الْقَوْمُ إلَى أنْ نُحَكِّمَ
بَيْنَنَا القُرْآنَ لَمْ نَكُنِ الْفَرِيقَ الْمُتَوَلِّيَ