وفي ختام هذا المطاف أذكر للقرّاء الكرام أنموذجاً من الشعر الشيعيّ حيث يرى فيه بوضوح قوَّة المنطق وفصاحة البيان وشدَّة المناظرة وأسلوب الحجاج ، حيث يغور شاعرنا صفىُّ الدين الحلِّي رحمهالله في التاريخ فيستخرج دوافنه ويكشف مكامنه ويردُّ على الخصم مطاعنه وينتخب من البيان محاسنه ثمَّ يأخذ بعنان الكلام فيورده موارده ويبلغه مبالغه فيلزم على المتناظرين ما ألزموا به أنفسهم من نهج ويقطع عليهم طريق الحجج.
قال العلاّمة الأميني بعد أن ترجم له : «ومن شعر المترجم قوله وقد أجاب به قصيدة ابن المعتزّ العبّاسي التي مستهلّها :
ألا من لعين وتسكابها |
|
تشكّى القذا وبكاها بها |
ترامت بنا حادثات الزمان |
|
ترامي القسيِّ بنشّابها |
ويا ربَّ ألسنة كالسُّيوف |
|
تقطِّع أرقابَ أصحابها |
ويقول فيها :
ونحن ورثنا ثياب النبيِّ |
|
فكم تجذبون بأهدابها |
لكم رحمٌ يا بني بنته |
|
ولكن بنو العمِّ أولى بها |
ومنها :
قتلنا أميَّة في دارها |
|
ونحن أحقُّ بأسلابها |
إذا ما دنوتم تلقَّيتم |
|
زبوراً أقرَّت بجلاّبها |
فأجابه الصفيُّ المترجم بقوله :
ألا قل لشرِّ عبيد الإله |
|
وطاغي قريش وكذّابها |