وقيل إنَّ المعترض النّابغة الذبياني أو الخنساء على اختلاف في الرواية ، فإنّه لم يأتِ في صياغة شعريّة ، ولوكان ذلك لعدّت صناعةً شعريةً في كتب الأدب منذ عهد الجاهلية.
ثمَّ إنّ حسّان الذي كان شاعر رسول الله(صلى الله عليه وآله) وشهد معه مواقفه لم يأت شعره على شكل المناظرة قطّ.
وهذا عمرو بن أبي ربيعة الذي يعدّ من أشعر الشعراء الإسلاميّين فإنّ شعره معروف بالغزل والمجون كما عرف هو أيضاً بولعه بالنساء ، فكيف ينبغي لمن يقول متغزِّلاً :
فقلت لها بل قادني الشوق والهوى |
|
إليك وما عين من الناس تنظر(١) |
ـ ويقول ما يقول في شعره ـ أن يضع حقّاً أو يرفع باطلاً حتّى يناظر ويجاهر في شعره.
وأمّا جرير فكان الشعراء يخشون سطوة لسانه لما عرف من هجائه الهجين بألفاظ ومعان يندى لها الجبين وذلك في هجائه للفرزدق في قصيدته التي مطلعها :
أقلّي اللّوم عاذل والعتابا |
|
وقولي إن أصبت لقد أصابا(٢) |
وإنّ ترفّع الفرزدق عن الجواب لدليلٌ على بذاءة لسان جرير وهو شعر بعيد كلّ البعد عن مناصرة الحقِّ وأهله فكيف له أن يكون متكلِّماً مناظراً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) ديوان عمر بن أبي ربيعة ١ / ١٠٦.
(٢) الأغاني ٨ / ٣٢ ـ ٣٥.