منها المرويّ عن ابن بريدة إذ قال : «أوّل من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حذيفة ، أقسم أن لا يرتدي برداء حتّى يجمعه ، ثمّ ائتمروا ما يسمّونه ، فقال بعضهم : سمّوه السِّفْر ، قال : ذلك اسم تسمّيه اليهود ، فكرهوه ، فقال : رأيت مثله بالحبشة يسمّى المصحف ، فاجتمع رأيهم على أن يسمّوه المصحف»(١).
وجاء مثله عن ابن مسعود أنّه قال : «رأيت للحبشة كتاباً يدعونه المصحف ، فسمّوه به»(٢).
كما حكى السيوطي عن أبي بكر ، أنّه : «أوّل من جمع القرآن وأوّل من سمّاه مصحفاً»(٢).
وذكر الباقلاّني في (الانتصار لنقل القرآن) بأنّ أبا بكر استشار عمر في اسمه فسمّاه مصحفاً.
فإنّهم قالوا بهذه الاُمور كي يرفعوا بضبع الآخرين أو ليحدّوا من منزلة الإمام عليّ عليهالسلام ، وهي بنظرنا لا تعطي لأُولئك منزلة تفوق الآخرين ؛ لأنّ (المصحف) هو المؤلّف من (صُحُف) ، وكلمة (الصحف) وردت في القرآن الحكيم عدّة مرّات ، إمّا حكاية عن الأقوام السابقة أو استعمالاً لكلمات العرب ؛ لأنّ الكتب الأولى سميّت بالصحف في قوله تعالى : (أَوَ لَمْ تَأْتِهِم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الإتقان ١/١٦٢/ح ٧٥٤.
(٢) البرهان للزركشي ١/٢٨٢ عن المظفّري في تاريخه ، الإتقان ١/١٤٦/ح ٦٣٥.
(٣) الإتقان ١/١٤٦/ح ٦٣٦.