وتحقّقت أنّ إثبات منسوخ التّلاوة أشنع من إثبات أصل التحريف.
على أنّ من كان له مُصْحف غير ما جمعه زيد ـ أوّلاً بأمر من أبي بكر ، وثانياً بأمر من عُثمان ، كعليّ عليهالسلام وأبيّ بن كعب وعبدالله بن مسعود ـ لم ينكر شيئاًممّا حواه المصحف الدائر غير ما نقل عن ابن مسعود أنّه لم يكتب في صحفه المعوّذتين ، وكان يقول : إنّهما عَوْذتان نزل بهما جبريل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليعوّذ بهما الحسنين عليهماالسلام ، وقد ردّه سائر الصَّحابة وتواترت النّصوص من أئمّة أهل البيت على أنّهما سورتان من القرآن ...»(١).
وعلى ذلك قد يكون البغوي عنى بكلامه في شرح السنّة : «بأنّ ترتيب النزول غير ترتيب التلاوة» ، أنّ مصحف التلاوة هو المصحف المجرّد عن التفسير النبوي ، والمرتّب طبق ما أنزله الله واقعاً في الإنزال الدفعي الأوّلي له.
وأمّا ترتيب النزول فهو ما يراعى فيه الترتيب الزماني والتاريخي وتسلسل الوقائع والأحداث فيه ؛ وهو ما نراه في مصحف الإمام عليّ عليهالسلام فهو عليهالسلام أكّد بأنّه سيخرج مصحفه لو ثُنّيت له الوسادة وعرف له حقّه.
ارتباط جمع القرآن بموضوع الخلافة :
وهنا مسألة فيها شيء من الغموض لابدّ من الوقوف عندها واستيضاحها ؛ لأنّها استوقفتني وتستوقف كلّ باحث ودارس ، ألا وهي ارتباط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الميزان ١٢/١٢٥ ، وإنّا ناقشنا هذه الأكذوبة على ابن مسعود سابقاً.