النفس مخبراً عن مكامِن علومه ، وأنّ الناس لو قرَؤوا القرآن كما أُنزل وعرفوا في من أنزل ، لما اختلف اثنان!
وهذا الأمر تراه في نصوصه الأُخرى أيضاً ، كقوله عليهالسلام : «لكنّي حلفت أن لا أرتدي بعد وفاة النبيّ برداء حتّى أجمع القرآن كما أنزل».
وفي نصّ المناقب : «فلمّا قبض النبيّ جلس عليٌّ فألّفه كما أنزله الله ، وكان به عالماً».
فهذه النصوص تشير إلى أنّ الإمام عليهالسلام كان يريد بمصحفه المفسّر أن يوضّح للناس ما أُبْهِمَ عليهم من فضائح القوم ، وكيف صار المفضول إماماً ، حتَّى وصل الأمر بالطلقاء أن يكونوا أُمَراءَ على الناس ، مبدّلين القيم والموازين ، جاعلين المُحاصِر بجنب المُحاصَر ، والطليق بجنب المهاجر.وهذا الجمع والترتيب ـ أعني جمع القرآن جمعاً تفسيرياً ـ هو الذي عناه الآلوسي في مقدّمة تفسيره بقوله : «وقيل : كان جمعاً بصورة أخرى لغرض آخر»(١).
وعليه ، فلا تنافي بين أن نقول بهذا التقسيم الثنائي ، وأن نعترف في الوقت نفسه بأنّ مصحف الإمام عليّ عليهالسلام المفسَّر قد دوّن طبق التنزيل وبوصية منه(صلى الله عليه وآله) ؛ لأنّ غالب تلك النصوص(٢) تعني المفسَّر ، في حين أنّ أعداء أهل البيت عليهمالسلام يحملون ما جاء عنه على المصحف المجرّد ، وهذا خلط واضح في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) روح المعاني ١/٢٢.
(٢) أي في مصحف الإمام عليّ عليهالسلام.