بعد كلّ هذا لابدّ من الرجوع إلى ما ادّعيناه من وجود مصحفين للإمام عليهالسلام وخصوصاً المفسّر منه ثم التأمّل بعد ذلك في تلك النصوص ، وهل أنّها تساعدنا للقول به أو لا؟
فأوّل نصّ يجب الوقوف عنده وهو دالّ على المصحف المفسّر على الأرجح ، ما رواه ابن ضريس (ت ٢٩٤ هـ) في فضائله عن عكرمة ، حيث سأله ابن سيرين : «ألّفوه كما أنزل الأوّل فالأوّل؟
قال : لو اجتمعت الإنس والجنّ على أن يؤلّفوه ذلك التأليف ما استطاعوا ، قال محمّد بن سيرين : أراه صادقاً»(١).
انظر إلى كلمة (ألّفوه) وكلمة (أن يؤلّفوه ذلك التأليف) الواضحتين في عدم كون ذلك المصحف هو المصحف المجرّد ـ والذي كان الناس يتلونه ـ لأنّ المصحف المجرّد كان مؤلّفاً ومقروءاً عند المسلمين ، أمّا ما تمنّاه ابن سيرين فهو شيء آخر وهو مصحف العلم ، وما جزم به هو : الأوّل فالأوّل ، أي مرتّباً كما اُنزل سوراً وآيات.
ومثله جاء في رواية سُلَيْم : «فلمّا جمعه كلّه وكتبه بيده على تنزيله وتأويله والناسخ والمنسوخ»(٢).
وفي الاحتجاج : «ولقد أُحْضِرُوا الكتاب كُمُلاً مشتملاً على التأويل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) فضائل القرآن : ٣٦/ح ٢٠ ، ٢١ ، مناهل العرفان ١/١٧٧.
(٢) كتاب سليم : ١٤٦ ، الاحتجاج ١/١٠٧.