وفي هذا السلك تنتظم زيارة النبىّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ؛ فإنّ المُزار كلّما كان عظيم الشأن قريباً من الله كانت معطيات زيارته أكثر ؛ إذ ليس المقصود منها الوقوف على ركام من الأحجار والتراب ـ وإن كانت لهما قدسيّتهما كالحجر الأسود وتراب قبر الإمام الحسين الشهيد عليهالسلام ـ بقدر ما هو وقوف على معالم الإيمان والكرامة والفكر.
فيكون من قبيل قولهم :
أمرُّ عَلَى الدِّيارِ ديارِ ليلى |
|
أُقَبِّلُ ذَا الجِدارَ وذا الجِدارا |
وما حُبُّ الدِّيارِ شَغَفْنَ قَلبِي |
|
ولكن حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيارا |
وبالجملة قد رُوِيت أحاديث كثيرة ـ في كتب الفريقين ـ عن النبىّ(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين عليهمالسلام في حياتهم الإلهيّة على ضرورة زيارة قبورهم الشريفة بعد وفاتهم ، ووعدوا من ربّهم (عزّ وجلّ) على ذلك الثواب الجزيل والآثار العظيمة في الدنيا والآخرة ، لِمَا للزيارة من معان سامية ودلالات لائحة على علاقة المؤمن بنبيّه وأوصيائه وبما جاؤوا بها في حياته وبعد وفاته.
وإلى أن رويت سلسلة من الأعمال والمراسيم عند الزيارة من الطهارة والذكر والدعاء والصلاة والخضوع والخلوص والالتفات إلى العظمة الروحيّة للمُزار .. وغيرها من الأعمال؛ وقد جمعها العلاّمة المحدّث الميرزا حسين ابن محمّد تقي النوري (ت ١٣٢٠ هـ) في كرّاسة لطيفة من كتب المزار والفقه والحديث ، وأنهاها إلى ثلاث وأربعين أدباً ، وسمّاها بـ : (آداب الزيارة) ، وجعلها إحدى مقامات الفصل الرابع من كتابه تحيّة الزائر ، إذ قال تلميذه