وقد يكون تأكيد الرسول(صلى الله عليه وآله) على أفضلية قراءة القرآن في المصحف من قرائتها عن ظهر القلب يعود إلى إصراره وتأكيده على ترتيب التلاوة.
نحن بهذا الجمع أمكننا أن نوفّق بين تلك الأخبار الكثيرة المتخيّل تعارضها. مؤكّدين بأن لا تعارض بين أخبار مصحف الإمام عليّ عليهالسلام.
نعم ، إنّ الإمام عليهالسلام جمع مصحفه الثاني (أي المفسّر) حينما رأى الأمّة أعرضت عنه وغيّرت الاُمور لصالحها ، فأراد أن يؤرّخ للناس ما سمعه عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في تفسير الآيات حسب التسلسل التاريخي للأحداث والمناسبات فيها ، رافعاً بذلك الإجمال في بعض الأمور ، بتقديم المنسوخ على الناسخ ، والمكّي على المدني ، وجعل المحكم بجنب المتشابه ، بل وضع كلّ شيء في محلّه ، وهذا ما عناه البعض بأنّه عليهالسلام قدّم المنسوخ على الناسخ والمكّي على المدني ، أو ما قاله عليهالسلام بقوله : (جمعته بتنزيله وتأويله ، محكمه ومتشابهه) ، وهو الذي عناه محمّد ابن جزي الكلبي في قوله : «لو وجد مصحفه لكان فيه علم كثير» (١).
وقد قدَّم الثاني (أي المفسّر) للحكّام دون الأوّل ، لأنّه كان يعلم بأنّ الحكّام لا يريدون أن يعرّفوا أو يتعرّف الآخرون بأسماء من نزلت فيهم الآيات عند قرائتهم لها.
وأنّهم قد تركوا الأخذ بالمصحف المفسّر ـ مضافاً لما سبق ـ لأنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) التسهيل ١/٤.