شيء زائد على الجواب الاعتزاليّ لكنّه غير دخيل في الجواب وهو أنّ الإرادة
التّشريعيّة هي العلم بالمصلحة والإرادة التّكوينيّة هي العلم بالنّظام التّامّ
فإذا توافقتا فلا بدّ من الإطاعة والإيمان وإذا تخالفتا فلا بدّ من الكفر
والعصيان. ونظنّ أنّه (قده) إنّما أفاد هذا الزّائد على الجواب توطئة وتمهيلا لما
تكلّف نفسه فيما بعد جوابا عن الإشكالات العقليّة الواردة على كلامه. ثمّ إنّ
هاهنا قد توجّه في كلامه إلى ما لا ينبغي التّوجّه إليه في كتاب الأصول أصلا وهو
مسألة الجبر والاختيار وأنّ الكفر والعصيان والإطاعة والإيمان إذا كان بمقتضى
إرادة الله سبحانه ـ وهو العلم بالنّظام التّام ـ فكيف يصحّ التّكليف وكيف يصحّ المؤاخذة
على ما ليس بالاختيار والإرادة؟!
وهذا الإشكال
كثير الدّوران في الأفواه فقد انتهى الأمر إلى حدّ القول المعروف عن الخيّام
«مى خوردن من
حق زازل مى دانست
|
|
گر مى نخورم
علم خدا جهل بود!»
|
أعاذنا الله
وإيّاكم من شرور هذه الكلمات.
وبالجملة ، كلّ
فعل من افعال العبيد لا يخلو عن الطّرفين إمّا تعلّقت به الإرادة الأزليّة الّتي
بمعنى العلم بالنّظام التّام أو لا ، فإن تعلّقت به الإرادة فهو ضروريّ الوجود
وكان العبد مضطرّا اليه ومقهورا في فعله وإن لم تتعلّق به الإرادة الازليّة فهو
ضرورىّ العدم وكان العبد مقهورا في تركه. فلا بأس بصرف العنان إلى ما هو بيان
الحلّ. والجواب عن الإشكال (مع أنّ تلك المسألة أجنبيّة عن المقام إلّا أنّ
التّعرّض للإشكال لمّا وقع في المباحث الأصوليّة بدون مناسبة لموضوع البحث ، بل
بمقتضى جري المقال من باب الكلام يجرّ الكلام وقع في الأذهان موقعا لا يسدّها ما
ذكر بعض الأعلام في دفعه ، فيقتضي دفع الإشكال ولو على نحو الاختصار) فنقول ومن
الله التّوفيق :
لا شكّ أنّ هذه
المسألة من غوامض المسائل العقليّة الكلاميّة ويعدّ في بابه من مطارح أنظار أعلام
فنّه بحيث كلّ يعمل على شاكلته ويذكر في الجواب بمقدار استطاعته وبضاعته العلميّة
إلّا أنّه لا مجال في المقام لإيراد أقوالهم بل إنّما نكتفي بذكر كلام علم العلم
المحقّق