إلى أن يقول :
«وقال القاضي عِيَاض في شرح حديث حُذَيْفة : إنّ النّبيّ (صلى الله عليه وآله) قرأ في صلاته في اللّيل بسورة النّساء قبل آل عمران ، هو كذلك في مُصْحَف أُبيّ ابن كعب ، وفيه حجّة لمن يقول : إنّ ترتيب السُّوَر اجتهاد وليس بتوقيف من النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وهو قول جمهور العلماء.
واختاره القاضي الباقِلاّنيّ قال : وترتيب السُّوَر ليس بواجب في التّلاوة ولا في الصّلاة ولا في الدّرس ولا في التعليم ، فلذلك اختلفت المصاحف ، فلمّاكتب مُصْحَف عُثمان رتّبوه على ما هو عليه الآن ، فلذلك اختلف ترتيب مصاحف الصَّحابة. ثمّ ذكر نحو كلام ابن بَطَّال ، ثمّ قال : ولا خلاف أنّ ترتيب آيات كلّ سُورة على ما هي عليه الآن في المُصْحَف توقيف من الله تعالى ، وعلى ذلك نقلته الأُمّة عن نبيّها»(١).
وهذا توجيه من قبل ابن حجر لم يقبله دعاة عدم توقيفية الآيات في السور ، لما عرفوه من اختلاف مصاحف الصحابة في ترتيب السور.
وللتضاد الموجود بين بعض النصوص عن الصحابة والتابعين في ترتيب الآيات فقد قال ابن عبّاس بأنّه لم ينزل بعد آية الإكمال(٢) فريضة ، وهو ما قاله السدي والجبائي والبلخي والإمامان الصادق والباقر عليهماالسلام بفارق أنّ بعضهم قال : «لم ينزل بعدها حلال ولا حرام» والآخر : «فريضة» في
__________________
(١) فتح الباري ٩ / ٤٠.
(٢) (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً).