فعائشة طبق هذا النصّ تجيز تقديم الآيات وتأخيرها في السورة الواحدة ، لقولها : (وما يضرّك آية قرأت قبل؟!) ثمّ (أملت عليه آي السُّور) لا السور سورة سورة كاملة.
قال ابن حجر في فتح الباري عند شرحه للخبر قوله : (لعلّي أُؤلّف عليه القُرآن ، فإنّه يقرأ غير مؤلّف) : « ... والّذي يظهر لي أنّ هذا العراقيّ كان ممّن يأخذ بقراءة ابن مسعود ، وكان ابن مسعود لمّا حضر مُصْحَف عُثمان إلى الكوفة يوافق على الرّجوع عن قراءته [والأخذ بقراءة مصحف عثمان] ولا [يوافق] على إعدام مُصحَفه ـ كما سيأتي بيانه بعد الباب الّذي يلي هذا ـ فكان تأليف مُصْحَفه مغايرًا لتأليف مُصْحَف عُثمان ، ولا شكّ أنّ تأليف المُصْحَف العُثماني أكثر مناسبة من غيره ، فلهذا أطلق العراقي أنّه غير مؤلّف.
وهذا كلّه على أنّ السّؤال إنّما وقع عن ترتيب السُّوَر ، ويدلّ على ذلك قولها له : (وما يضرّك آية قرأت قبل؟) ويحتمل أن يكون أراد تفصيل آيات كلّ سُورة ، لقوله في آخر الحديث : (فأملت عليه آي السُّور) ، أي آيات كلّ سورة كأن تقول له : سورة كذا مثلاً كذا كذا آية ، الأُولى كذا ، الثّانية ... إلخ.
وهذا يرجع إلى اختلاف عدد الآيات ، وفيه اختلاف بين المدنيّ والشّاميّ والبَصْريّ ، وقد اعتنى أئمّة القُرّاء بجمع ذلك وبيان الخلاف فيه ، والأوّل أظهر. ويحتمل أن يكون السّؤال وقع عن الأمرين والله أعلم ...»