في ترتيب مصحفه المفسّر ولا يستشيره في ترتيب مصحفيه؟
بل هناك بعض المُحدّثين من شكّك في توقيفية الآيات في السور بدعوى : أنّ المقدّم من النصوص لا يصلح أن يكون دليلاً ، وأقصى ما فيها دلالتها على تلك المواضع فقط ، واستدلّ على عدم التوقيفية بما أخرجه البخاري :
«حدّثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف : إنّ ابن جريج أخبرهم قال : وأخبرني يوسف بن ماهك ، قال : إنّي عند عائشة أُمّ المؤمنين إذجاءها عراقيٌّ [فسألها عن مسائل منها] : أنّه طلب أن تريه مصحفها قال : يا أمّ المؤمنين أريني مصحفكِ؟ قالت : لِمَ؟ قال : لعلّي أؤلّف القرآن عليه فإنّه يقرأ غير مؤلَّف.
قالت : وما يضرّك آية قرأت قبل؟! ، إنّما نزل أوّل ما نزل منه سورة من المفصّل ، فيها ذكر الجنّة والنّار حتّى إذا ثاب النّاس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ، ولو نزل أوّل شيء (لا تشربوا الخمر) لقالوا : لا نَدَعُ الخمر أبداً ، ولونزل (لا تزنُوا) لقالوا : لا نَدَعَ الزّنى أبداً ، لقد نزل بمكّة على محمّد وإنّي لجَارِيَةٌ ألعبُ : (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) (١) ، وما نزلت سورة البقرَة والنّساء إلاّ وأنا عنده ، قال : فأخرجت له المُصْحَف ، فَأمْلَت عليه آي السُّورة»(٢).
__________________
(١) سورة القمر : ٤٦.
(٢) صحيح البخاري ٤/١٩١٠ / ح ٤٧٠٧ ، من باب تأليف القرآن.