غرض كبير يدعو إلى
العناية باصول الفقه ويبعث على الاشتغال بها» .
هذه هي الحقيقة
الاولى.
والحقيقة الاخرى
هي : أنّ التفكير الاصولي السنّي كان قد بدأ ينضب في القرن الخامس والسادس ،
ويستنفد قدرته على التجديد ، ويتّجه إلى التقليد والاجترار ، حتّى أدّى ذلك إلى
سدِّ باب الاجتهاد رسمياً.
ويكفينا لإثبات
هذه الحقيقة شهادةٌ معاصرةٌ لتلك الفترة من عالمٍ سنّيٍّ عاشها ، وهو الغزَّالي
المتوفّى سنة (٥٠٥ ه) ، إذ تحدّث عن شروط المناظر في البحث ، فذكر منها : «أن
يكون المناظر مجتهداً يفتي برأيه ، لا بمذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما ، حتى إذا
ظهر له الحقّ من مذهب أبي حنيفة ترك ما يوافق رأي الشافعي وأفتى بما ظهر له ،
فأمّا من لم يبلغ رتبة الاجتهاد ـ وهو حكم كلّ أهل العصر ـ فأيّ فائدةٍ له في
المناظرة» .
ونحن إذا جمعنا
بين هاتين الحقيقتين ، وعرفنا أنّ التفكير الاصولي السنّي الذي يشكِّل عامل إثارةٍ
للتفكير الاصولي الشيعي كان قد أخذ بالانكماش ومُنِيَ بالعُقم استطعنا أن نستنتج
أنّ التفكير العلمي لدى فقهائنا الإمامية ـ رضوان الله عليهم ـ قد فقد أحد
المثيرات المحرِّكة له ، الأمر الذي يمكن أن نعتبره عاملاً مساعداً في توقّف
النموّ العلمي.
ابن إدريس يصف فترة التوقّف :
ولعلّ من أفضل
الوثائق التأريخية التي تصف تلك الفترة ما ذكره الفقيه
__________________