أنجزه قدسسره في كتاب «العدّة» وطابعه التأسيسي في هذا المجال ، وما حقّقه من وضع النظريات الاصولية ضمن الإطار المذهبي العام للإمامية.
ويعزّز هذا النصّ من الناحية التأريخية أوّلية الشيخ المفيد في التصنيف الاصولي على الصعيد الشيعي ، كما أنّه يدلّ على أنّ الشيخ الطوسي كتب كتاب «العدّة» أو بدأ به في حياة السيّد المرتضى ، إذ دعا له بالبقاء. ولعلّه لأجل ذلك لم يكن يعرف وقتئذٍ شيئاً عن كتاب الذريعة للمرتضى ، إذ نفى وجود كتابٍ له في علم الاصول. وهذا يعني أنّ الطوسي بدأ بكتابه قبل أن يكتب المرتضى الذريعة ، أو أنّ الذريعة كانت مؤلّفةً فعلاً ولكنّها لم يعلن عنها ولم يطّلع عليها الشيخ الرائد حين بدأ تصنيفه للكتاب.
وكتب الشيخ الطوسي في كتابه الفقهي العظيم «المبسوط» يقول : «إنّي لا أزال أسمع معاشر مخالفينا من المتفقِّهة والمنتسبين إلى علم الفروع يستخفّون بفقه أصحابنا الإمامية ، وينسبونهم إلى قلّة الفروع وقلّة المسائل ، ويقولون : إنّهم أهل حَشوٍ ومناقصة ، وإنّ من ينفي القياس والاجتهاد لا طريق له إلى كثرة المسائل ولا التفريع على الاصول ؛ لأنّ جُلّ ذلك وجمهوره مأخوذ من هذين الطريقين ، وهذا جهل منهم بمذاهبنا وقلّة تأمّلٍ لُاصولنا ، ولو نظروا في أخبارنا وفقهنا لعلموا أنّ جُلَّ ما ذكروه من المسائل موجود في أخبارنا ومنصوص عليه عن أئمّتنا الذين قولهم في الحجّة يجري مجرى قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إمّا خصوصاً ، أو عموماً ، أو تصريحاً ، أو تلويحاً.
وأمّا ما كثَّروا به كتبهم من مسائل الفروع فلا فرع من ذلك إلّا وله مدخل في اصولنا ومخرج على مذاهبنا ، لا على وجه القياس ، بل على طريقةٍ توجب علماً يجب العمل عليها ، ويسوغ المصير إليها من البناء على الأصل ، وبراءة الذمة ، وغير ذلك. مع أنّ أكثر الفروع لها مدخل في ما نصّ عليه أصحابنا ، وإنّما كثر