عن الحق وفارق المنهاج وسقوط قوله معلوم عند من مارس الطرق الفقهية ونظر الى المستندات الاحكام الشرعية وبالجملة ليس البحث الا مع من يسلّم منّا هذا الاصل فان قلت ما ذكرت من كلام اهل اللغة لا يفيد ظنّا لعدم ظهور صحة مذاهبهم وعدم ثبوت عدالتهم ولا اعتماد على قول غير الثقة قلت صحة المراجعة الى اصحاب الصّناعات البارزين فى صنعتهم البارعين فى فنهم فيما اختص بصناعتهم ممّا اتفق عليه العقلاء فى كل عصر وزمان فان اهل كل صنعة يسعون فى تصحيح مصنوعاتهم وصيانتها وحفظها عن مواضع الفساد ويسدّون مجارى الخلل بحسب كدهم وطاقتهم ومقدار معرفتهم بصنعتهم لئلا يسقط محلهم عند الناس ولا يشتهرون بقلة الوقوف والمعرفة فى امرهم وان كان فاسقا ظالما فى بعض الاحوال وهذا امر محسوس فى العادات مجرب مرتكز فى النفوس والطبائع المختلفة نعم صحة المراجعة الى صاحب الصّنعة تحتاج الى اختياره والاطلاع على حسن صنعته وجودة معرفته والثقة بقوله وذلك يظهر بالتسامع وتصديق المشاركين فى الفن وتعويل اهل الصّنعة عليه ولذلك ترى المشهورين من اهل اللغة يرجعون الناس اليهم فى تفسير اللغات الغريبة العربيّة على تفسيراتهم وتعبيراتهم ويستدلون بذلك ويستندون اليه فى مبادى الاحكام الشرعية وكتب الاصحاب مشحونة بذلك الى ان قال ومن هذا الباب مراجعة المسلمين الى اطباء اليهود والنصارى عند حذاقتهم وثقتهم فى صدور الازمان من غير نكير وهذه القاعدة معمولة بين العامة ايضا فانهم يرجعون ويستندون فى تفسير اللغات الى اللغوى من الخاصّة كالخليل وابن دريد وابن خالويه وغيرهم ومقتضى كلامه دعوى اتفاق العقلاء على الرّجوع فى كل صنعة عند الحاجة الى اهلها فعلا كما فى اكثر اهل الصّنائع وقولا كما فى البعض والمرجع الى دعوى اتفاق العقلاء على الرّجوع فى كل صنعة التى اجلها من غير ملاحظة العدالة فضلا عن العدد وعن السيّد السّند العلى القول بعدم اعتبار الظنّ فى المقام وهو مقتضى ما صنعه السيّد السّند الصّدر حيث منع عن حجية الظنّ المستند الى التبادر فى اثبات الوضع فى بحث الحقيقة الشرعية وقال الى القول به على القول باعتبار الظنون الخاصّة بعض من تاخر حيث انه ذكر ان القدر المتيقن من الاتفاق على رجوع العقلاء الى اصحاب الصّناعات انما هو الرجوع مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد والعدالة ونحو ذلك لا مطلقا قال ألا ترى ان اكثر علمائنا على اعتبار العدالة فيمن يرجع اليه من اهل الرّجال بل وبعضهم على اعتبار العدد والظاهر اتفاقهم على اشتراط التعدد والعدالة فى اهل الخبرة فى مسئلة التقويم وغيرها هذا مع انه لا يعرف الحقيقة من المجاز بمجرّد قول اللغوى فلا ينفع فى تشخيص الظواهر فالانصاف ان الرّجوع الى اهل اللغة مع عدم اجتماع شروط الشّهادة اما فى مقامات يحصل العلم بالمستعمل فيه من مجرد ذكر لغوى واحد او ازيد له على وجه يعلم كونه من المسلمات عند اهل اللغة كما قد يحصل العلم بالمسألة الفقهيّة من ارسال جماعة لها ارسال المسلمات واما فى مقامات يتسامح فيها لعدم التكليف الشرعى بتحصيل العلم بالمعنى اللغوى كما اذا اريد تفسير خطبة او رواية الا يتعلق بتكليف شرعى واما فى مقام انسدّ فيه طريق العلم ولا بد من العمل فيعمل بالظن بالحكم الشرعى المستند الى قول اهل اللغة ولا يتوهم ان طرح قول اللغوى الغير المفيد للعلم فى الفاظ الكتاب والسنة مستلزم لانسداد طريق الاستنباط فى غالب الاحكام لاندفاع ذلك بان اكثر موارد اللغات الا ما شذ وندر كلفظ الصّعيد وغيره معلوم من العرف واللغة فالحاجة الى قول اللغوى الذى لا يحصل العلم بقوله لقلة مواردها لا تصلح سببا للحكم باعتباره لاجل الحاجة نعم كل من عمل بالظن فى مطلق الاحكام الشرعية الفرعية يلزمه العمل بالظن بالحكم الناشى من الظنّ بقول اللغوى لكنه لا يحتاج الى دعوى انسداد باب العلم فى اللغات بل لعبرة عنده بانسداد باب العلم فى معظم الاحكام فانه يوجب الرّجوع الى الظنّ بالحكم الحاصل من الظنّ باللغة وان فرض انفتاح باب العلم فيما عدا هذا المورد من اللغات اقول انّ دعوى ان القدر المتيقن من رجوع العقلاء الى اصحاب الصناعات انما هو فى صورة اجتماع شرائط الشهادة من العدد والعدالة فى كمال الضعف لوضوح انه لا يلتزم احد بشرائط الشهادة فى الرّجوع الى البناء والنجار وغيرهما فيما تطرق الحاجة الى الفعل من ارباب الصناعات كيف لا ويرجعون الى الكفار فى قضاء الوطر كاصلاح الساعة ومعالجة المرض وغيرهما وكذا الحال فى الرّجوع الى المقوم عند تطرق الحاجة الى القول سواء كان التقويم بالاخبار عن القيمة الفعلية المتعارفة المضبوطة من باب الاخبار بدخول الفرد فى الجنس الجيّد او الردى المعلوم حالهما