فلم تزيدوا إلا بعدا ، ودعوتكم لدار كرامتى فأعرضتم عنها ، فلا إلىّ تقرّبتم ، ولا لها أردتم ، ولا بها تلذّذتم. أما علمتم أنكم لا تدعون لدياركم إلّا من تحبّون أن تطعموه ، ولا تنسبون إلى أنفسكم إلا من تريدون أن تكرموه. أما سمعتم قولى : والله يدعو إلى دار السلام. يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ؛ فلم تقاعستم؟ اللهم إنك أنعمت علينا بنعم لا تحصى ، وأعظمها الخطّ بالقلم ، وعلمتنا ما لم نكن نعلم ، فجعلناها سلّما لمعاصيك ، فحلمت عنا ، ولم تعاجلنا بالعقوبة فضلا منك علينا ، فأنّى لنا بجوابك عند العرض عليك ، والوقوف بين يديك ، إلا قولنا لك : غرّنا حلمك وكرمك ، فأتمم علينا جودك وإحسانك ، وقولك لعبدك : سترتها عليك فى الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ، وإن لم يقع منك ذلك فقيّض نبينا وحبيبنا للشفاعة ؛ فإنك أخبرتنا على لسانه الصادق المصدّق ؛ أنّ شفاعته لأهل الكبائر من أمته ، ونحن من أمته المؤمنون به المصلّون عليه. عليه الصلاة والسلام ؛ يا سيد الخلق ، ها أنا أتوسّل بك إلى ربى فى غفران ذنوبى.
(عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (١)) : يعنى العلوم على الإطلاق ، أو علم الكتابة بالقلم. وعلى هذا فالإنسان نبيّنا ومولانا محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ لقوله : وعلّمك ما لم تكن تعلم. وهو صلىاللهعليهوسلم لم يكتب ولم يقرأ.
(عصر (٢)) : دهر ؛ أقسم الله به فى كتابه ، لكن اختلف ما المراد به؟ فقيل صلاة العصر ؛ أقسم الله بها لفضلها ؛ ولذا ورد فى الحديث : من فاتته صلاة العصر فكأنما أوتر أهله وماله ؛ أى خسرهما. وقيل إنه العشىّ ؛ أقسم به كما أقسم بالضّحى ؛ ويؤيّد هذا قول أبىّ بن كعب : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن العصر ، فقال : أقسم ربكم بآخر النهار.
__________________
(١) العلق : ٥
(٢) العصر : ١