(عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ (١)) : فيه ثلاثة تأويلات على قراءة الجمهور :
أجدها ـ أن يكون الضمير فى (إِنَّهُ) سؤال نوح نجاة ابنه.
والثانى ـ أن يكون الضمير لابن نوح ، وحذف مضاف من الكلام ، تقديره : إنه ذو عمل غير صالح.
والثالث ـ أن يكون الضمير لابن نوح ، وما مصدر وصف به مبالغة ، كقولك : رجل صوم. وقرأ الكسائى عمل ـ بفعل ماض ، غير صالح ـ بالنصب. والضمير على هذا لابن نوح بلا إشكال ؛ لأن الله تعالى لما أراد أن يعذبه قطع نسبه عنه ، ووصفه بعدم الصلاحية.
وأنت يا محمدىّ أضافك إلى نفسه ، بقوله : يا عبادى. وإلهكم. أفتراه يعذّبك بعد هذه الإضافة؟
ولذلك قيل الإشارات ستة : إشارة إلى المتقين بقوله (٢) : (سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ). وإشارة العابدين (٣) : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ). وإشارة العاصين (٤) : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ). وإشارة الهاربين إلى حصنه (٥) : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ). وإشارة التائبين إلى الفلاح : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً). وإشارة أهل الكتاب إلى الفلاح : (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ).
وإذا أردت محبة الله لعباده فانظر كيف خفّف المعصية على النفس ، وثقل عليها الطاعة ؛ ليكون لها حجة ، ويقبل عذرها إذا رجعت إليه ؛ فالله يثيب المطيع بغاية الثواب للامتثال ، ويعاقب الكافر بأقبح العقوبة للمخالفة ، والعاصى
__________________
(١) هود : ٤٦
(٢) آل عمران : ١٣٣
(٣) الجمعة : ٩
(٤) الزمر : ٥٣
(٥) الذاريات : ٥٠