يعاقبه فى الدنيا بأنواع الأمراض والأسقام حتى فى قطع شسع نعله إن لم يتب ، حتى يلقى الله ولا ذنب عليه. قال تعالى (١) : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ).
(عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٢)) : إنما أسند العهد إلى المسلمين ؛ لأن فعل الرسول صلىاللهعليهوسلم لازم للمسلمين ، فكأنهم هم الذين عاهدوا المشركين ، وكان صلىاللهعليهوسلم قد عاهد المشركين إلى آجال محدودة ؛ فمنهم من وفى ؛ فأمر الله أن يتمّ عهده إلى مدته ، ومنهم من قارب أو قارب النقض ، فجعل له أجل أربعة أشهر ، وبعدها لا يكون له عهد.
(عاهَدْتَ مِنْهُمْ (٣)) : يريد بنى قريظة.
(عَلى سَواءٍ (٤)) ؛ أى على معدلة. وقيل معناه أن تستوى معهم فى العلم (٥) فتنقض العهد.
(عَرَضاً قَرِيباً (٦)) : هذا الكلام وكثير مما بعده فى هذه السورة فى المنافقين الذين تخلّفوا عن غزوة تبوك ؛ وذلك أنها كانت إلى أرض بعيدة ، وكانت فى شدة الحرّ وطيب الظلال والثمار ، فثقلت عليهم ؛ فأخبر الله فى هذه الآية أنّ السفر لو كان لعرض الدنيا أو مسافة قريبة لاتّبعوه.
(عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ (٧)) : قدّم الله العفو لنبيّه قبل عتابه ؛ إكراما له وجبرا لقلبه أن ينصدع ؛ وذلك لخوفه من ربه ؛ كأنه قال :
__________________
(١) الشورى : ٣٠
(٢) التوبة : ١
(٣) الأنفال : ٥٦
(٤) الأنفال : ٥٨
(٥) فى القرطبى (٨ ـ ٣٢) : قال الأزهرى : معناه إذا عاهدت قوما فعلمت منهم النقض بالعهد فلا توقع بهم سابقا إلى النقض حتى تلقى إليهم أنك قد نقضت العهد فيكونوا فى علم النقض مستوين ، ثم أوقع بهم.
(٦) التوبة : ٤٢
(٧) التوبة : ٤٣