الرحمن ، والمعرفة البراءة عن الخلق ، والرؤية الوصول إلى الحق. والمعرفة للواصفين ، والرؤية للواصلين. والمعرفة فى الجنس ، والرؤية فى الأنس. وأهل المعرفة يشتاقون إلى موضع الواصلين ، والواصلون لا يشتاقون إلى موضع العارفين ، فكلّ من رأى فقد عرف ، وليس من عرف قد رأى.
فإن قلت : لم خصّت هذه الآية بما تمهّد فيها من قصد المبالغة والتعظيم من قوله (١) : (سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ) ، دون آية الحديد (٢).
والجواب لبنائها على الحضّ على الجهاد وعظيم فضله ، وذكر قصة بدر وأحد من لدن قوله (٣) : (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ ...) إلى ما بعد الآية المتكلم فيها ؛ ولما لم يكن فى آية الحديد شىء من ذلك ناسب كلاما ورد فيها. والله أعلم.
(عَزَمْتَ (٤)) ؛ أى صححت رأيك فيما مضى من الأمر. والمخاطب بذلك نبينا ومولانا محمد صلىاللهعليهوسلم (٥).
(عاشِرُوهُنَ (٦)) ؛ أى صاحبوهن بالمعروف ؛ وأمر الله فى هذه الآية الرجال بالصفح عنهن وممازحتهنّ وخدمتهنّ بما أمكن ، وله عليها [٢٠٨ ب] أعظم من ذلك ، لقول الله العظيم (٧) : (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
(عضل) المرأة ؛ أى منعها من الزواج ؛ ومنه (٨) : (لا تَعْضُلُوهُنَ
__________________
(١) آل عمران : ١٣٣
(٢) الحديد (٢١) : سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض.
(٣) آل عمران : ١٢١
(٤) آل عمران : ١٥٩
(٥) فى الكشاف ١ ـ ١٧٢ : فإذا عزمت : فإذا قطعت الرأى على شىء بعد الشورى.
(٦) النساء : ١٩
(٧) البقرة : ٢٢٨
(٨) البقرة : ٢٣٢