إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

معترك الأقران في إعجاز القرآن [ ج ٢ ]

معترك الأقران في إعجاز القرآن

معترك الأقران في إعجاز القرآن [ ج ٢ ]

تحمیل

معترك الأقران في إعجاز القرآن [ ج ٢ ]

633/688
*

وروى أن اليهود قالوا لعمر : جنة عرضها السموات والأرض ، فأين النار؟ قال عمر : أفرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ؛ وإذا جاء النهار أين يكون الليل؟ فقالوا : إنها لمثلها فى التوراة. قالوا : إن باب الجنة فى السماء وعرضها السموات والأرض.

فإن قلت : قد صحّ أنها لا منتهى لها ، وأن العرش سقفها ، والعرش له حدّ ومقدار ؛ فما معناه؟

والجواب أنّ العرش لها كالخيمة ، فلا يلزم أن يكون العرش محتويا على جميعها ؛ وهذا مشاهد. وقد صح أنها تبقى بلا ساكن حتى يخلق الله لها من يسكنها.

فتفكّر أيّها العبد عبد من أنت؟ ومن أنت حتى أهّلك لخدمته وعرّفك به حتى طلبته؟ وما قيمة أعمالك فى جنب من عبده؟ فاحمد الله على أن أهّلك لخطابه ، وجعلك من أحبابه ، وإياك ومعصيته ؛ فإنها تورثك بعده. أما علمت أنّه على قدر معرفتك به هنا تكون رؤيتك له هناك ، وبمعرفتك له يتولّد منه التعب ، لكنها توصلك إلى رؤيته التى يزول عنك بها النّصب والكرب ؛ ولما علم سبحانه أنّ الدنيا دار محن ومعايش ، جعل لهم هذه المعرفة التى يتوصّلون بها إلى رؤية ذاته ، وعلى قدر طول الغربة يكون سرور الأوبة ؛ ولو رأيناه بغير تعب لما وجدنا لها لذّة ؛ ألا ترى آدم لم يعرف قدرها حتى خرج منها ، والمسوق بالتعب ألذّ من المسوق بلا تعب ؛ فالمعرفة ميدان الخدمة ، والرؤية ميدان الراحة ، والمعرفة تكون مع بعد عن المراد ، والرؤية مع قرب النفس إلى المراد ، والمعرفة مع الخوف والخطر ، والرؤية مع الرضا والكرامة. والمعرفة أول الكرامة ، والرؤية تتمها ، والمعرفة فى جوار الشيطان ، والرؤية فى جوار