(نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً (١)) : هذا ردّ على قريش من اعتذارهم فى تخطّف الناس لهم أن آمنوا. والمعنى أنّ الحرم لا تتعرض له العرب بقتال ، ولا يمكّن الله أحدا من إهلاك أهله ؛ فقد كانت العرب تغير بعضها على بعض ، وأهل مكة آمنون من ذلك.
(نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ (٢)) : هذا من قول الله لأهل النار القائلين : ربّنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذى كنّا نعمل. وهو قول أهل الطبقة الخامسة ؛ لأنه صح أن أهل «الأولى» يقولون : يا حنّان يا منّان ؛ وهم العصاة من هذه الأمة ، «والثانية» تقول : ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنّا قوما ضالّين ، «والثالثة» تنادى : ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ، «والرابعة» تنادى : ربّنا أخّرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ، «والسادسة» تقول : ادع لنا ربّك يخفّف عنا يوما من العذاب ، «والسابعة» تنادى : يا مالك ، ليقض علينا ربّك. فيجاوب كلّ أحد بما يليق به ؛ فهؤلاء قال لهم : أو لم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكر ، وجاءكم النّذير. وهو نبيّنا ومولانا محمد صلىاللهعليهوسلم. وقيل : الشيب ؛ لأنه نذير بالموت. والأوّل أظهر.
وقد اطلع بعضهم يوما فى المرآة ، فرأى الشّيب فى لحيته ، فاعتزل أهله وماله حتى لحق بالله.
وقد اختلف فى حد التعمير ، كم هو؟ وقد قدمنا أنه سبعون سنة للحديث. وقيل البلوغ. والأول أرجح.
(نُحاسٌ (٣)) : دخان. وقيل هو الصّفر يذاب ويصبّ على رءوس
__________________
(١) القصص : ٥٧
(٢) فاطر : ٣٧
(٣) الرحمن : ٣٥ ، والآية : يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران.