أو بباطل ، فإن ابن الزّبعرى وأمثاله ممن لا يخفى عليه أن عيسى لم يدخل فى قوله تعالى (١) : (حَصَبُ جَهَنَّمَ) ، ولكنهم أرادوا المخالطة فوصفهم بأنهم ما ضربوا لرسول الله هذا المثل إلّا على وجه الجدل ، وهذا كقوله (٢) : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا). ((٣) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ).
(جَنَى الْجَنَّتَيْنِ (٤)) : قد قدمنا أن الجنى ما يجتنى من الثمار. وروى أن الإنسان يجتنى الفاكهة فى الجنة على أى حال كان من قيام وقعود واضطجاع ؛ لأنها تتدلى له إذا رآها ، فتقول له كلنى يا ولى الله ، هذا هو النعيم المقيم. وكيف لا ونبينا فيها نديم ، والثواب عظيم ، والبقاء فيها قديم ، والعطاء فيها جسيم ، والحزن فيها عديم ، والمضيف فيها كريم ؛ نعيمها مؤبد ، ومقامها مخلّد ، وبقاؤها سرمد (٥) وفرشها ممدود ومرافقها ممهد ، وحورها منهد ، وقصورها مشيد ، وظلها ممدود ، وفيها جنة الفردوس نزولا لمن لم يجعل لمولاه شريكا ولا مثيلا [١١٢ ب] وأخلص له فى دنياه قولا وعملا وفعلا ، ولم يزل على عصيانه خائفا وجلا ، ولم يطلب الأعواض على أعماله فاتخذه موئلا.
(جَدُّ رَبِّنا (٦)) ؛ أى عظمته. وقيل غناه ؛ من قولك : فلان مجدود إذا استغنى. ويقال : جدّ فلان فى الناس أى عظم فى عيونهم ، وجلّ فى صدورهم. ومنه قول أنيس : كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا ؛ أى عظم.
(جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٧)) ؛ أى نقبوه ونحتوا فيه بيوتا.
__________________
(١) الأنبياء : ٩٨
(٢) غافر : ٤
(٣) الشورى : ٣٥
(٤) الرحمن : ٥٤
(٥) السرمد : الدائم.
(٦) الجن : ٣
(٧) الفجر : ٩