أن الله قال لهم : خذوا التوراة ، فأبوا من أخذها ، فاقتلع الجبل ورفعه فوقهم كأنه ظلّة ... الآية.
ومنه قولهم : نتقت المرأة إذا أكثرت الولد.
وأين هؤلاء القوم من هذه الأمة المحمّدية ، حيث أخذوا الكتاب بقوة ، فصاروا يتلونه آناء الليل والنهار ، قياما وقعودا وعلى جنوبهم ، ويتفكّرون فى خلق السموات والأرض ؛ ولهذا أكرمهم الله بخصال مثنّيات لم يعطها غيرهم : مكة ، والمدينة ؛ والقبلة اثنان الكعبة وبيت المقدس. والدعاء اثنان : الأذان والإقامة ؛ والجهاد اثنان : مع الكفار ، والمنافقين. والصبر اثنان : مع الله بالرضا ومع الأمة بالنفس. والدعاء اثنان : فى الدنيا : ربّنا لا تؤاخذنا. وفى الآخرة : ((١) يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ). ((٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ). والشفع والوتر ، والليالى العشر.
وهذه كلّها خاصة بهذه الأمة المحمدية ؛ ولهذا أخّر الله حساب الأمم كلها إلى يوم القيامة ، وحرّم الجنة على سائر الأمم حتى يدخلها هو صلىاللهعليهوسلم وأمّته ؛ لأنها دارهم.
ولما أخذوا الكتاب بقوّة ورضا سهّله الله عليهم ، ويسّره لهم ، حتى إن منهم من يختمه فى كلّ ساعة ، ومنهم من يختمه اثنا عشر ألف بالليل ، واثنا عشر ألف بالنهار ؛ وأعظم من ذلك أنّ الله سهّل حفظه عليهم ، حتى أن حبيبا حفظه وهو ابن خمس سنين ، وآخر حفظه فى النوم ؛ وأعطاهم إجابة الدعاء عند ختمه ، وقرّبهم عند السجود له ، وذكّرهم بالفلاح إذا أنفقوا أموالهم ، واشترى منهم
__________________
(١) التحريم : ٨
(٢) الواقعة : ٣٩ ، ٤٠