حاضر بعلمه فى كل مكان وكلّ زمان ، ورقيب على كل إنسان ، وأنه لا يفوته أحد من الجبابرة والكفار. وفى ذلك تهديد لكفّار قريش وغيرهم.
وقد كتب بعض الفضلاء لمن هدده : فيا للعجب ذبابة تطنّ [١٩٤ ا] فى أذن الفيل أم بعوضة تعدّ فى التماثيل؟ وستندم على ما حدّثتك نفسك من أمانى كاذبة ، وخيالات غير صائبة ؛ فإن الجواهر لا تزول بالأعراض ، كما أن الأرواح لا تعنّى بالأمراض ؛ فسبحان الله! كم بين قوى وضعيف ، ودنىء وشريف ؛ فإن عدنا إلى الظواهر المحسوسات ، وعدلنا عن البواطن المعقولات ، قلنا أسوة برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حيث قال : «ما أوذى نبىّ بمثل ما أوذيت ، فكانت العاقبة لله ولرسوله وللمؤمنين ؛ فإذا وقفت على كتابنا هذا فكن من أمرنا بالمرصاد ، واتل أوّل النحل وآخر ص (١)».
(ما) : اسمية وحرفية ؛ فالاسمية ترد موصولة بمعنى الذى نحو (٢) : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ). ويستوى فيها المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع.
والغالب استعمالها فيما لا يعلم ، وقد تستعمل فى العالم ؛ نحو (٣) : (وَالسَّماءِ وَما بَناها). ((٤) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) ؛ أى الله.
ويجوز فى ضميرها مراعاة اللفظ ؛ واجتمعا فى قوله (٥) : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ).
وهذه معربة بخلاف الباقى.
__________________
(١) أول النحل : أتى أمر الله فلا تستعجلوه. وآخر ص قوله تعالى : ولتعلمن نبأه بعد حين.
(٢) النحل : ٩٦
(٣) الشمس : ٥
(٤) الكافرون : ٣
(٥) النحل : ٧٣