ورضى الله عن السيد الذى دخل على بعض الملوك فوجده مهموما ، فقال : مالك؟ فقال : رأيت ملك الموت ، فاختبرته عما بقى من أجلى ، فأشار لى بأصابعه الخمس ؛ فلا أدرى أخمس ساعات أو أيام أو جمعات أو أشهر أو سنين؟ فقال له : أشار لك إلى أنّ الخمس التى انفرد الله بعلمها فى قوله تعالى (١) : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ...) الآية.
فإذا كان ملك الموت الموكّل بقبض الأرواح لا يعلم أجل شخص حتى يؤمر بقبض روحه فكيف يطّلع الغير على الغيوب؟
ولهذا أبطل العلماء ما يدعونه (٢) أهل البطالة من الاطلاع على الغيوب ، ويستدلّون عليه بأمارات باطلة.
(مِيعادُ يَوْمٍ (٣)) : يعنى يوم القيامة أو نزول العذاب بهم فى الدنيا ، وهو الذى سألوا عنه على وجه الاستخفاف.
(مِرَّةٍ (٤)) : أى ذو قوة ، أو ذو هيئة حسنة. والأول هو الصحيح فى اللغة. وقيل : مرة أى محكم الفتل.
(مرصاد ، أو مَرْصَدٍ (٥)) : طريق وانتظار ؛ أى تنتظر الكفّار ليدخلوها. وقيل معناه طريقا للمؤمنين يجوزون عليها إلى الجنة ؛ لأن الصراط منصوب على متن جهنم.
وأما قوله تعالى (٦) : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) ؛ فهو عبارة على أنه تعالى
__________________
(١) لقمان : ٣٤ ، وبقيتها : وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ما ذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت ـ فالخمسة فيها ظاهرة.
(٢) هذا بالأصلين : ١ ، ب.
(٣) سبأ : ٣٠
(٤) النجم : ٦
(٥) النبأ : ٢١ ، التوبة : ٥
(٦) الفجر : ١٤