وفى المعنى قولان :
أحدهما أنّ أبواب جهنم أغلقت عليهم ثم مدّت على أبوابها عمد تشديدا فى الإغلاق والثقاف (١) ، كما تثقف أبواب البيوت بالعمد ، وهو على هذا متعلق بمؤصدة.
والآخر أنهم موثقون مغللون فى العمد ؛ فالمجرور على هذا فى موضع خبر مبتدأ مضمر ، تقديره هم موثقون فى عمد.
(مُنْفَكِّينَ (٢)) : زائلين. والمعنى أن جميع الكفار لم يكونوا منفكّين حتى تأتيهم البينة ، وتقوم عليهم الحجة ببعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ومعنى منفكين منفصلين. ثم اختلف فى هذا الانفصال على أربعة أقوال :
أحدها ـ أنّ المعنى لم يكونوا منفصلين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة ، لتقوم عليهم الحجة.
الثانى ـ لم يكونوا منفصلين عن معرفة نبوءة نبيّنا ومولانا محمد صلىاللهعليهوسلم حتى بعثه الله.
الثالث ـ اختاره ابن عطية ، وهو : لم يكونوا منفصلين عن نظر الله وقدرته حتى يبعث الله إليهم رسولا يقيم عليهم الحجة.
الرابع ـ وهو الأظهر عندى : أن المعنى لم يكونوا لينفصلوا عن الدنيا حتى بعث الله لهم محمدا ، فقامت عليهم الحجّة ؛ لأنهم لو انفصلت الدنيا دون بعثه لقالوا : ربنا لو أرسلت إلينا رسولا ؛ فلما بعثه الله لم يبق لهم عذر ولا حجة ؛ فمعنى منفكين على هذا كقولك لا تبرح ولا تزول حتى يكون كذا وكذا.
__________________
(١) فى الكشاف : استيثافا
(٢) البينة : ١