(مِيثاقَ (١)) : قد قدمنا أنه العهد حيثما وقع والموثق ؛ مفعال من الوثيقة.
(مِنْ بَعْدِهِ (٢)) : الضمير لموسى ؛ أى من بعد غيبته فى مناجاته على الطّور.
(مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ (٣)) : انتصب ملّة بفعل مضمر تقديره ، أعنى بالدين ملّة إبراهيم ، أو التزموا ملّة إبراهيم.
وقال الفراء : انتصب على تقدير حذف الكاف ؛ كأنه قال كملة.
وقال الزمخشري (٤) : انتصب بمضمون ما تقدم ، كأنه قال : وسّع عليكم توسعة ملّة أبيكم إبراهيم ، ثم حذف المضاف.
فإن قلت : لم يكن إبراهيم أبا للمسلمين كلهم.
فالجواب أنه أبو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان أبا لأمته ؛ لأن أمة الرسول فى حكم أولاده. وأيضا فإن قريشا وأكثر العرب من ذرية إبراهيم ، وهم أكثر الأمة ؛ فاعتبرهم دون غيرهم.
وقد قدمنا فى هذا الحرف أنّ الله نسب هذه الأمة لإبراهيم ؛ لأنه صلىاللهعليهوسلم يشفع فيهم ، والوالد يستحى من زلّة ولده ، ولم ينسبهم لآدم ؛ لأنه عاملهم بما لم يعامل به آدم عند ذنوبهم. ألا تراهم يرتكبون كلّ ساعة المخالفة ، وهو يسترهم ويرزقهم ويعافيهم ، وإن نادوه لبّاهم ، وإن استغفروه غفر لهم ؛ وأعظم من ذلك أنه نسبهم إلى الوفاء فى قوله تعالى (٥) : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى). ((٦) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ). وكما أحيا الله على يديه الطيور ، وأظفره بعدوّه النمرود ، ولم تصل النار إلى جسده ؛ بل أحرق قيوده ـ كذلك
__________________
(١) البقرة : ٢٧
(٢) البقرة : ٥١
(٣) الحج : ٧٨
(٤) الكشاف : ٢ ـ ٦٨
(٥) النجم : ٣٧
(٦) هود : ٧٥