وربما غمز بالأيدى حتى يموت ، لئلا يقطع القز ، ويخرج القزّ صحيحا ؛ فهذه صورة لمكسب الجاهل الذى يترك أهله وماله ، فينعم ورثته بما يشقى به ؛ فإن أطاعوا به كان أجره لهم وحسابه عليه. وإن عصوا به كان شريكهم فى المعصية ؛ لأنه أكسبهم إياها به ؛ فلا يدرى أى الحسرتين عليه أعظم : إذهابه عمره لغيره ، أو نظره إلى ماله فى ميزان غيره؟ وأشار إلى ذلك أبو الفتوح السّنى :
ألم تر أن المرء طول حياته |
|
معنّى بأمر لا يزال يعالجه |
كذلك دود القزّ ينسج دائما |
|
ويهلك غمّا وسط ما هو ناسجه |
وقال آخر :
يفنى الحريص بجمع المال مدته |
|
وللحوادث ما يبقى وما يدع |
كدودة القز ما تبنيه يهلكها |
|
وغيره بالذى تبنيه ينتفع |
وبالجملة فإن الله أعطاك أربعة أشياء : أولها اللسان ، وكلّفك منه الذّكر له ، والقول الحسن لخلقه ؛ قال تعالى : (اذْكُرُوا اللهَ). ((١) وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً).
والقلب وكلفك منه محبة الله ومحبة المؤمنين ؛ قال تعالى (٢) : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) ؛ أى من الصنم. وقال تعالى (٣) : (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا).
__________________
(١) البقرة : ٨٣
(٢) البقرة : ١٦٥
(٣) الحشر : ١٠