وقال ابن عباس : معناه مكذبون ؛ وهذا خطاب للكفار ؛ ومنه قوله (١) : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ).
(مقربين (٢)) : المراد بهم السابقون المذكورون فى أول سورة الواقعة فى قوله (٣) : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ).
(مُسْتَخْلَفِينَ (٤)) : يعنى فى الإنفاق فى سبيل الله وطاعته.
روى أنها نزلت فى الإنفاق فى غزوة تبوك ، وعلى هذا روى أن قوله (٥) : (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) ـ نزلت فى عثمان بن عفان رضى الله عنه ، فإنه جهّز جيش العسرة. ولفظ الآية مع ذلك عام ، وحكمها باق لجميع الناس.
وقوله : مستخلفين فيه ـ يعنى أنّ الأموال التى بأيديكم إنما هى أموال الله ؛ لأنه خلقها ، ولكنه متّعكم بها ، وجعلكم خلفاء فى التصرف فيها ؛ فأنتم فيها بمنزلة الوكلاء ، فلا تمنعوها من الإنفاق فيما أمركم مالكها أن تنفقوها فيه.
ويحتمل أنه جعلكم مستخلفين ممن كان قبلكم ، فورثتم عنهم الأموال ، فأنفقوها قبل أن تخلّفوها لمن بعدكم ، كما خلّفها لكم من كان قبلكم.
والمقصود على كل وجه التحريض على الإنفاق ، والتزهيد فى الدنيا.
قال فى قوت القلوب : وقد مثّل بعض الحكماء ابن آدم بدود القزّ ، لا يزال ينسج على نفسه بجهله حتى لا يكون له مخلص ؛ ويقتل نفسه ، ويصير القزّ لغيره ؛ وربما قتلوه إذا فرغ من نسجه ؛ لأن القز يلتفّ عليه فيروم الخروج منه فيشمس ،
__________________
(١) القلم : ٩
(٢) الواقعة : ٨٨
(٣) الواقعة : ١٠ ، ١١
(٤) الحديد : ٧
(٥) الحديد : ٧