(مُؤَجَّلاً (١)) نصب على المصدر (٢) ؛ لأن المعنى كتب الموت كتابا. وقال ابن عطية : نصب على التمييز.
(متوكلين (٣)) : التوكل هو الاعتماد على الله فى تحصيل المنافع أو حفظها بعد حصولها ، وفى رفع المضرّات ورفعها بعد وقوعها ؛ وهو من أعلى المقامات ، لوجهين : أحدهما قوله تعالى (٤) : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). والآخر الضمان الذى فى قوله تعالى (٥) : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
وقد يكون واجبا لقوله (٦) : (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ، فجعله شرطا فى الإيمان ولظاهر قوله (٧) : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ؛ فإن الأمر محمول على الوجوب.
واعلم أنّ الناس فى التوكل على ثلاث مراتب :
الأولى ـ أن يعتمد العبد على ربه ، كاعتماد الإنسان على وكيله المأمون عنده الذى لا يشكّ فى نصيحته له وقيامه بمصالحه.
والثانية ـ أن يكون العبد مع ربه كالطفل مع أمه ، فإنه لا يعرف سواها ولا يلجأ إلا إليها.
والثالثة ـ أن يكون العبد مع ربه كالميّت بين يدى الغاسل ؛ قد أسلم إليه نفسه بالكلّية ، فصاحب الدرجة الأولى له حظّ من النظر لنفسه ، بخلاف صاحب الثانية ، وصاحب الثانية له حظّ من المراد والاختيار ، بخلاف صاحب الثالثة.
__________________
(١) آل عمران : ١٤٥
(٢) هذا الإعراب لكلمة كتابا لا لكلمة مؤجلا. والآية : وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ...
(٣) آل عمران : ١٥٩
(٤) الطلاق : ٣
(٥) الطلاق : ٣
(٦) المائدة : ٢٣
(٧) آل عمران : ١٦٠