والصحيح أنها على العموم ، وأنّ من يتّق الله فى أفعاله وأقواله يجعل له مخرجا ، فيدخل فى ذلك الطلاق وغيره.
وروى أنها نزلت فى عوف بن مالك الأشجعى ، وذلك أنه أسر ولده وضيّق عليه رزقه ، فشكا ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمره بالتقوى ، فلم يلبث إلا يسيرا وانطلق ولده ووسّع الله عليه رزقه.
وروى عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قال ـ حين قرأ هذه الآية : مخرجا من شبهات (١) الدنيا ، وغمرات الموت ، ومن شدائد يوم القيامة.
وقال صلىاللهعليهوسلم : «إنى لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم : ومن يتّق الله ...» الآية.
فإن قلت : إن الله تعالى تكفّل بأرزاق العباد على الجملة ، فما فائدة قوله (٢) : (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ).
فالجواب أن الرزق مضمون لكل حىّ طول عمره ، وهو الغذاء الذى به تقوم [١٧٩ ا] الحياة ، قال تعالى (٣) : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها). وأما رزق المتقين فوعد الله لهم أن يأتيهم بسهولة من غير تعب ، كما قال صلىاللهعليهوسلم : تكفّل الله لطالب العلم برزقه. وفى حديث آخر : استنزلوا الرزق بالصدق. مصداقه قوله تعالى (٤) : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ...) الآية. فبيّن لك سبحانه أنهم لو عملوا بما فى التوراة والإنجيل لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، أى لوسّعنا عليهم
__________________
(١) والقرطبى : ١٨ ـ ٦٠
(٢) الطلاق : ٣
(٣) هود : ٦
(٤) المائدة : ٦٥