والكثير لا يكون أقلّ من ثلاثة ، والدنيا كلّها قليل ، والإضعاف لا يكون أقل من ثلاث مرات مثل الدنيا. فقال : رب ، زد أمتى ؛ فأنزل الله : ولسوف يعطيك ربّك فترضى.
فإن قلت : هلّا أعطاهم بغير قرض ولا مجىء حسنة فى قوله تعالى : من جاء بالحسنة. وما الحكمة فى أنّ الله ذكر الصدقة بلفظ القرض؟ وما الحكمة فى الإضعاف؟
فالجواب أن الله تعالى لو أعطى الثواب بغير شىء لكان يجب أن يعطى الكفّار مثل ما يعطى المؤمنين ؛ فجعل الحسنات إلى المؤمنين لتمنع الثواب عن الكفار بها ، ولا تكون حجة عند الله. وذكر الصدقة بلفظ القرض ؛ لأن المقرض محتاج ، فذكر أنك محتاج إليه مضطر ، فلا يمنعك لاحتياجك ، ولتعلم أنه يخلفه لك. والقرض ليس فيه مذلّة ، بخلاف الصدقة. ومن أقرضته لا يمنّ عليك. ولما كان للأمم الخالية عمر طويل وطاعات كثيرة بخلاف هذه الأمة ، فخصّها الله بتضعيف الطاعات ، وتفصيل الأوقات ؛ لتكون أعمالهم زاكية عليهم. ولما كان فى الطاعات تقصير جعل لهم الإضعاف ؛ إذ هو بغير تقصير ، وبه تنال الجنة ؛ لأنها من فضله ورحمته لا بعملهم وسعيهم وإن ظلموا (١) بعضهم بعضا تؤخذ حسناتهم بقدر مظلمتهم حتى تفنى ولا يبقى إلا التضعيف ، فيقولون : يا ربنا ، أعطنا من أضعاف عملنا. فيقول الله لهم : «ذلك ليس من الفعل ؛ وإنما هو من فضلى ورحمتى ، فلا نصيب لكم فيها ، فلا تؤخذ منهم»
. (مَنافِعُ لِلنَّاسِ (٢)) : يعنى أنّ الحديد فيه منافع لسكك الحرث والمسامير ؛ وذلك أن كلّ صنعة لهم مفتقرة إليه ، فلا يستغنى عنه.
__________________
(١) هذا بالأصلين.
(٢) الحديد : ٢٥