فلو لا ترجعون النفس إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين فارجعوها إن كنتم صادقين ؛ أى مربوبين ومقهورين.
(ما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ (١)) : استفهام يراد به الإنكار. ولا تؤمنون فى موضع الحال من معنى الفعل الذى يقتضيه ما لكم ؛ والواو فى قوله : والرسول يدعوكم ـ واو الحال ؛ ومعناه أىّ شىء يمنعكم من الإيمان ، والرسول يدعوكم إليه بالبراهين القاطعة والمعجزات الظاهرة؟
(ما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ (٢)) : فيه تحريض على الإنفاق وتزهيد فى الدنيا. ومعناه أىّ شىء يمنعكم من الإنفاق فى سبيل الله ، والله يرث ما فى السموات وما فى الأرض إذا أفنى أهلها.
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ ... (٣)) الآية. معناها أنّ الأمور كلها مقدّرة مكتوبة فى اللوح المحفوظ من قبل أن تكون. قال صلىاللهعليهوسلم : إنّ الله كتب مقادير الأشياء قبل أن يخلق السموات بخمسين ألف سنة ، وعرشه على الماء. والمصيبة هنا عبارة عن كل ما يصيب من خير أو شر. وقيل أراد به المصيبة فى العرف ؛ وهو ما يصيب من الشر ، وخص ذلك بالذكر ، لأنه أهم على الناس. فانظر هذا اللطف العظيم من هذا الرب الكريم فى دعاء عباده بهذه الآية إلى إراحة أنفسهم شفقة عليهم وهى قطب دائرة العبادة عليه ، ومدارها ، وهو ثبات الباعث عليها ؛ ألا ترى ما وعدهم به من الأجر على الصبر على المصائب مع ما فى الرضا بها من الراحة والسلامة ، وما فى الجزع من الهمّ والغم والعقوبة ، وكيف يسخط الجاهل بعواقب الأمور ، وإنما أجهلك
__________________
(١) الحديد : ٨
(٢) الحديد : ١٠
(٣) الحديد : ٢٢