قال الله له (١) : وما أعجلك ... الآية ؛ فهذا السؤال على وجه الإنكار لتقدمه (٢) على قومه. وقيل : ليخبره بما صنعوا بعده من عبادة العجل ، فاعتذر موسى بعذرين :
أحدهما أن قوله على أثره ؛ أى قريب منه ، فلم يتقدم عليهم بكثير يوجب العتاب.
والثانى أنه إنما تقدّم طلبا لرضاه ، وغلبة المحبة ، ولذلك لم يطق الصبر مع قومه. وهذا كان سبب مراجعته لرسول الله صلىاللهعليهوسلم حين قال له : ارجع إلى ربك ، واسأله التخفيف ؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك. ورحم الله القائل :
لعلّى أراهم أو أرى من يراهم
(ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا. أَلَّا تَتَّبِعَنِ (٣)) : هذا خطاب موسى لهارون لما رجع من الطور بعد كمال الأربعين يوما التى كلّمه الله فيها ، و «لا» زائدة للتأكيد. والمعنى ما منعك أن تتّبعنى فى المشى إلى الطور ، أو تتّبعنى فى الغضب لله وشدة الزّجر لمن عبدوا العجل وقتالهم بمن لم يعبده.
(ما قَدْ سَبَقَ (٤)) : يعنى أخبار الأمم المتقدمين.
(ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ (٥)) : الضمير للخلق. والمعنى يعلم ما كان قبلهم ، وما يكون بعدهم. وقال مجاهد : ما بين أيديهم الدنيا وما خلفهم الآخرة.
__________________
(١) طه : ٨٣
(٢) العبارة فى الكشاف أوضح : كان قد مضى مع النقباء إلى الطور على الموعد المضروب ، ثم تقدمهم شوقا إلى كلام ربه (٢ ـ ٣١).
(٣) طه : ٩٢
(٤) طه : ٩٩
(٥) طه : ١١٠