من عذاب النار. فأوحى الله إلى موسى (١) : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ ، فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) ؛ فمرّ موسى مع قومه ، وجاء فرعون ، ودخل البحر مع جنوده فأغرقهم الله أجمعين.
وقيل : إن فرعون لما عاين العذاب أراد الإيمان فى حال الغرق ، فرفع جبريل الطين وجعله فى فيه حتى استغاث بجبريل سبعين مرة ، فلم يغثه ، فعاتبه الله ، وقال لجبريل : استغاث بك فرعون سبعين مرة فلم تغثه ، وعزّتى وجلالى لو استغاث بى لأغثته ؛ وكذلك عاتب موسى لما استغاث به قارون فلم يغثه ، فهنيئا لك يا محمدى فى استغاثتك بمولاك إن رجعت إليه أفتراه لا يغيثك؟ وهو يقول (٢) : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ).
(ما هَدى (٣)) : الضمير يعود على فرعون لتقدّم الذكر له.
فإن قيل : إن قوله (٤) : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ) ، يغنى عن قوله : وما هدى.
فالجواب أنه مبالغة وتأكيد. وقال الزمخشرى : إنه تهكّم بفرعون فى قوله (٥) : (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ).
(ما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (٦)) : قصص هذه الآية أن الله لما أمر موسى أن يسير ببنى إسرائيل إلى الطور تقدم وحده مبادرة إلى أمر الله وطلبا لرضاه ، وأمر بنى إسرائيل أن يسيروا بعده ، واستخلف عليهم أخاه هارون ، فأمرهم السامرىّ حينئذ بعبادة العجل ، فلما وصل موسى إلى الطور دون قومه
__________________
(١) الشعراء : ٦٣
(٢) النمل : ٦٢
(٣) طه : ٧٩
(٤) طه : ٧٩
(٥) غافر : ٢٩
(٦) طه : ٨٣