إنما يوصف به الوعد لا الزمان ولا المكان ، ولكن يضعّف ذلك بقوله : مكانا ، وبقوله يوم الزينة ؛ فلا بد على كل وجه من تأويل أو إضمار. ويختلف قوله مكانا باختلاف تلك الوجوه ؛ فأما إن كان الوعد اسم مكان فيكون قوله موعدا ومكانا مفعولين لقوله : اجعل ، ويطابقه قوله يوم للزينة ، من طريق المعنى لا من اللفظ ؛ وذلك أن الاجتماع فى المكان يقتضى الزمان ضرورة ، وإن كان الموعد اسم زمان فينتصب قوله مكانا على أنه ظرف مكان ؛ والتقدير كائنا فى مكان. وإن كان الموعد اسم مصدر فينتصب مكانا على أنه مفعول بالمصدر وهو الموعد ، أو بالفعل من معناه ، ويطابقه قوله : يوم الزينة على حذف مضاف ، تقديره موعدكم وعد يوم الزينة. وقرأ الحسن يوم الزينة بالنصب ، وذلك يطابق أن يكون الموعد اسم مصدر من غير تقدير محذوف.
(مَكاناً سُوىً (١)) : معناه مستوى القرب منا ومنكم. وقيل معناه مستو فى الأرض ليس فيه انخفاض ولا ارتفاع. وقرئ بكسر السين وضمها. والمعنى متفق.
(ما غَشِيَهُمْ (٢)) : إبهام لقصد التهويل ، والضمير راجع إلى قوم فرعون حين تبعوا موسى فى ألف ألف مرتين ، فلما رآهم قوم موسى خافوا ، وقالوا لموسى (٣) : (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ). فقال موسى (٤) : (إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ). وكذلك قال صلىاللهعليهوسلم لأبى بكر فى الغار : لا تحزن إنّ الله معنا. وكذلك قال الله لهذه الأمة : وهو معكم أينما كنتم. فالذى قال : إن الله [١٦٠ ب] معنا ، نجا من شر الكفار ؛ فكيف لا ينجو من قال الله لهم : إن الله معكم ـ
__________________
(١) طه : ٥٨
(٢) طه : ٧٨
(٣) الشعراء : ٦١
(٤) الشعراء : ٦٢