وقال أبو حيان : إن (مِنْ) تكون بمعنى مثل ، ولكنه شاذّ. وكذلك قال : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) حال من المفعول فى يضلونهم.
وردّ بأنه حال من الفاعل ؛ لأن العلم إنما يطلب ممن نصب نفسه منصب المفيد ، لا ممن نصبها منصب المستفيد. قيل للقائل : الأصوب أن يكون متعلّقا بيضلونهم ؛ فقال : والباء حينئذ للمصاحبة ، فلا بدّ من الحال.
(مِنَ الْقَواعِدِ (١)) : ما كان تحت الأرض فهو أساس ، وما فوقها فهو أعمدة ، ومجموعهما هى القواعد.
((٢) مِنْ فَوْقِهِمْ). يقال لما كان أعلى فوق ، ومعلوم أن السقف أعلى ، ولكن ذكر ليزيل الاحتمال الذى فى الخرّ ، وأن يكون عن يمين وشمال. أو أنهم كلما رأوا علامات السقوط خرجوا ، فحينئذ خرّ عليهم ، فقال : (مِنْ فَوْقِهِمْ) ؛ ليفيد أنهم تربّصوا حتى هلكوا.
(ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً (٣)) : لما وصف مقالة الكفار الذين قالوا أساطير الأولين (٤) قابل ذلك بمقالة المؤمنين ؛ وهو قولهم : (خَيْراً).
قال الزمخشرى (٥) : ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ للقائلين. يريد أنه يحتمل أن يكون من كلام المحكىّ عنه. ونظير ذلك أن يقول زيد أقول خيرا ، الحمد لله ؛ فتقول أنت حاكيا لكلامه : قال زيد خيرا ، الحمد لله ؛ فهذا من كلام الحاكى ، [١٥٦ ا] والقول يحكى به الجمل والمفرد المؤدّى معناها.
فإن قلت : لم رفع جواب الكافرين وهو أساطير الأولين ، ونصب جواب المؤمنين؟
فالجواب أن قولهم خيرا منصوب بفعل مضمر ، تقديره أنزل خيرا ؛
__________________
(١) النحل : ٢٦
(٢) النحل : ٢٦
(٣) النحل : ٣٠
(٤) فى الآية ٢٤ من سورة النحل.
(٥) الكشاف : ١ ـ ٥٢٣